للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه السلام، قال تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا [ (١) ] ،

وثبت أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: «إن اللَّه اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا» ،

ولم يكن لبيت من بيوت العالم مثل هذه الخصوصية.

ومنها: أنه سبحانه وتعالى جعل صاحب هذا البيت إماما للعالمين، قال تعالى:

وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [ (٢) ] .

ومنها: أنه سبحانه وتعالى أجرى على يديه بناء بيته الحرام الّذي جعله قبلة للناس وحجا لهم، فكان ظهور هذا البيت المحرم من أهل هذا البيت الأكرمين، ومن تبحر في أحوال العالم علم أنه كان في الدهر الغابر سبعة بيوت في الأرض يحج الناس إليها، لم يبلغ بيت منها عظمة هذا البيت ولا بركته، ما منها إلا ما أباده اللَّه وأبقى هذا البيت دونها، وزاده تشريفا وتكريما وتعظيما.

قال تعالى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ [ (٣) ] ، أي صير اللَّه الكعبة قواما للناس الذين لا قوام لهم من رئيس يحجز ضعيفهم عن قويهم، ومسيئهم عن محسنهم، وظالمهم عن مظلومهم، فحجز سبحانه وتعالى بكل واحد من ذلك بعضهم عن بعض إذ لم يكن لهم قيام غيره، وجعلها معالم لدينهم ومصالح أمورهم، فجعل سبحانه وتعالى الكعبة والشهر الحرام قواما لمن كان يحترم ذلك من العرب، ويعظمه بمنزلة الرئيس الّذي يقوّم أمر أتباعه.

ومنها: أنه سبحانه وتعالى أخرج منهم الآيتين العظيمتين التي لم يخرج من أهل بيت غيرهم مثلهما، وهما أمة موسى عليه السلام وأمة محمد صلى اللَّه عليه وسلّم، تمام سبعين أمة خيرها وأكرمها على اللَّه سبحانه وتعالى.

ومنها: أن اللَّه سبحانه وتعالى أبقى عليهم لسان صدق وثناء حسنا في العالم، فلا يذكرون إلا بالثناء عليهم، والصلاة والسلام عليهم، قال تعالى: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ* سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ* كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [ (٤) ] .


[ (١) ] النساء: ١٢٥.
[ (٢) ] البقرة: ١٢٤.
[ (٣) ] المائدة: ٩٧.
[ (٤) ] الصافات الآيات: ١٠٨- ١١٠.