كتاب إمتاع الأسماع

فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء - وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر - ج: 3 - ص: 308

والظاهر أن الشرب من الحوض يكون بعد الحساب والنجاة من النار، وقيل:

يشرب منه إلا من قدر له السلامة من النار. واللَّه الرحيم الرحمن [ (١) ] .

***

---

[ (١) ] قال القاضي عياض رحمه اللَّه: أحاديث الحوض صحيحة، والإيمان به فرض، والتصديق به من الإيمان، وهو على ظاهره عند أهل السنة والجماعة، لا يتأوّل ولا يختلف فيه.
قال القاضي: وحديثه متواتر النقل، رواه خلائق من الصحابة، فذكره مسلم من رواية ابن عمرو ابن العاص، وعائشة، وأم سلمة، وعقبة بن عامر، وابن مسعود، وحذيفة، وحارثة بن وهب، والمستورد، وأبي ذر، وثوبان، وأنس، وجابر بن سمرة.
ورواه غير مسلم من رواية أبي بكر الصديق، وزيد بن أرقم، وأبي أمامة، وعبد اللَّه بن زيد، وأبي برزة، وسويد بن جبلة، وعبد اللَّه بن الصنابحي، والبراء بن عازب، وأسماء بنت أبي بكر، وخولة بن قيس، وغيرهم.
قال الإمام النووي: ورواه البخاري ومسلم أيضا من رواية أبي هريرة، ورواه غيرهما من رواية عمر بن الخطاب، وعائذ بن عمر، وآخرين.
وقد جمع ذلك كله الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه (البعث والنشور) بأسانيده، وطرقه، المتكاثرات. قال القاضي: وفي بعض هذا ما يقتضي كون الحديث متواترا.
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «أنا فرطكم على الحوض» ،
قال أهل اللغة: الفرط بفتح الفاء والراء، والفارط:
هو الّذي يتقدم الوارد ليصلح لهم الحياض، والدلاء، ونحوها من أمور الاستقاء. فمعنى «فرطكم على الحوض» : سابقكم إليه كالمهيء له. (مسلم بشرح النووي) : ١٥/ ٥٩.