للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن إسحاق: حدثني أمية بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان بن عفان أنه حدّث: أن مالك بن عوف بعث عيونا [من رجاله] [ (١) ] ، فأتوه وقد تقطعت أوصالهم، فقال: ويلكم! ما شأنكم؟ فقالوا: أتانا رجال بيض [ (٢) ] على خيل بلق، فو اللَّه ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، فما رده [ (٣) ] ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد [ (٤) ] يعني في يوم حنين.

وخرج بقي بن مخلد من حديث النضر بن شميل قال: أخبرنا عوف عن عبد الرحمن مولى أم برثن صاحب السبقاية- سقاية المربد- قال: حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال: لما التقينا نحن وصحابة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم لم يقوموا لنا حلب شاة [ (٥) ] أن كشفناهم، قال: فبينما نحن نسوقهم في آثارهم فإذ صاحب البغلة البيضاء، قال: فتلقّانا عنده رجال بيض الوجوه وقالوا لنا: شاهت الوجوه، ارجعوا، قال: فانهزمنا من قولهم، وركبوا أجيادنا فكانت إياها [ (٦) ] .

وذكر يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني والدي إسحاق بن يسار عن من حدثه عن جبير بن مطعم قال: إنا لمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يوم حنين والناس يقتتلون، إذ نظرت إلى مثل البجاد [ (٧) ] الأسود يهوي من السماء حتى وقع بيننا


[ (١) ] تصويب من (ابن هشام) .
[ (٢) ] في المرجع السابق: «رأينا رجالا بيضا» .
[ (٣) ] في المرجع السابق: «فو اللَّه ما ردّه» .
[ (٤) ] (سيرة ابن هشام) : ٥/ ١٠٧، عيون مالك بن عوف ونزول الملائكة، وهي رواية ابن إسحاق.
وقال الواقدي: وبعث مالك بن عوف رجالا من هوازن ينظرون إلى محمد وأصحابه- ثلاث نفر- وأمرهم أن يتفرقوا في العسكر، فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم، فقال: ما شأنكم؟ ويلكم! قالوا:
رأينا رجالا بيضا على خيل بلق، فو اللَّه، ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى! وقالوا له: ما نقاتل أهل الأرض، إن نقاتل إلا أهل السموات- وإن أفئدة عيونه تخفق، وإن أطعتنا رجعت بقومك، فإن الناس إن رأوا مثل ما رأينا أصابهم مثل الّذي أصابنا.
قال: أف لكم! بل أنتم قوم أجبن أهل العسكر، فحبسهم عنده فرقا أن يشيع ذلك الرعب في العسكر، وقال: دلوني على رجل شجاع، فأجمعوا له على رجل، فخرج، ثم رجع إليه وقد أصابه نحو ما أصاب من قبله منهم.
فقال: ما رأيت؟ قال: رأيت رجالا بيضا علي خليل بلق، ما يطاق النظر إليهم، فو اللَّه ما تماسكت أن أصابني ما ترى، فلم يثنه ذلك عن وجهه، (مغازي الواقدي) : ٣/ ٨٩٢- ٨٩٣.
[ (٥) ] كناية عن الزمن اليسير، وهو ما يساوي زمن حلب الشاة.
[ (٦) ] ونحوه في (المرجع السابق) : ٣/ ٩٠٦.
[ (٧) ] البجاد يعني الكساء من النمل مبثوثا.