للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترك مثل مالك، إن الّذي يخرج النار من [الورسة] [ (١) ] ، قادر [على] [ (٢) ] أن يجعل لمالك نسلا، ورجالا بسلا، وكل إلى موت، ثم أقبل على مالك وقال: أي بني، المنيّة ولا الدنيّة، العقاب ولا العتاب، التجلد ولا التلدد، القبر خير من الفقر، ومن قلّ ذلّ، ومن كرم الكريم الدفع عن الحريم، الدهر يومان: يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصطبر، وكلاهما سينحسر، إنه ليس ينفلت منها ملك متوج، ولا لئيم معلج، سلّم ليومك، حياك ربك، ثم أنشأ يقول:

شهدت السبايا يوم آل محرّق ... وأدرك عمري صيحة اللَّه في الحجر

فلم أر ذا ملك من الناس واحدا ... ولا سوقه إلا إلى الموت والقبر

فعلّ الّذي أردى ثمودا وجرهما ... سيعقب لي نسلا على آخر الدهر

يقربهم من آل عمرو بن عامر ... عيون لدى الداعي إلى طلب الوتر

فإن تكن الأيام أبلين جدّتي ... وشيّبن رأسي والمشيب مع العمر

فإن لنا فاعلا فوق عرشه ... عليما بما نأتي من الخير والشرّ

ألم يأت قومي أن للَّه دعوة ... يفوز بها أهل السعادة والبشر

إذا بعث المبعوث من آل غالب [ (٣) ] ... بمكة فيما بين زمزم [ (٤) ] والحجر

هنالك فابغوا نصرة ببلادكم ... بني عامر إن السعادة في النّصر

ثم قضى من ساعته.

وقال ابن إسحاق: حدثني صالح بن إبراهيم [بن عبد الرحمن بن عوف] [ (٥) ] ، عن يحيى بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن [سعد] [ (٦) ] بن زرارة قال: حدثني من [شئت] من رجال قومي عن حسان بن ثابت رضي اللَّه عنه قال: واللَّه إني


[ (١) ] في (خ) : «الوسة» ، لعل الصواب ما أثبتناه، فهو يخدم المعنى، لأن «الورسة» من ورس النبت رءوسا: اخضرّ. (لسان العرب) : ٦/ ٢٥٤، قال محققه: وهذا من أبلغ الإعجاز، حيث تخرج النار من الورسة، وهذا ما لا يستطيعه إلا اللطيف الخبير جلّ وعلا.
[ (٢) ] زيادة في السياق.
[ (٣) ] إشارة إلى النبي محمد صلى اللَّه عليه وسلّم.
[ (٤) ] في (البداية والنهاية) : «بين مكة والحجر» .
[ (٥) ] زيادة في النسب من رواية ابن إسحاق (٢) في (خ) : «أسعد» .
[ (٦) ] في (خ) : «تثبت» ، وما أثبتناه من رواية ابن إسحاق.