شعيا: سأبعث من الصبا قوما فيأتون من المشرق مجيبين بالتلبية أفواجا، كالصعيد كثرة، ومثل الطيان تدوس برجله الطين، والصبا تأتي من مطلع الشمس، يبعث عز وجل من هناك قوما من أهل خراسان وما صاقبها، وممن هو نازل بمهب الصبا فيأتون مجيبين بالتلبية أفواجا كالتراب كثرة ومثل الطيان يدوس برجله الطين، يريد أن منهم رجاله كالين، وقد يجوز أن يكون أراد الهرولة إذا طافوا بالبيت.
قال ابن قتيبة: وقال في ذكر الحجر المسلم: قال شعيا: قال الرب السيد:
ها أنا ذا مؤسس بصهيون، وهو بيت اللَّه حجرا في زاوية مكة، والحجر في زاوية البيت، والكرامة أن يستلم ويلثم.
وقال شعيا في ذكر مكة: سرّى واهتزي أيتها العاقر التي لم تلد، وانطقي بالتسبيح وافرحي إن لم تحبلي، فإن أهلك يكونون أكثر من أهلي، يعني بأهله:
أهل بيت المقدس من بني إسرائيل، [أو] أراد أن أهل مكة يكون ممن يأتيهم من الحجاج والعمار أكثر من أهل بيت المقدس، فأشبه مكة بامرأة عاقر لم تلد، لأنه لم يكن فيها قبل نبينا محمد صلى اللَّه عليه وسلّم إلا إسماعيل وحده، ولم ينزل بها كتاب، ولا يجوز أن يكون أراد بالعاقر بيت المقدس لأنه بيت الأنبياء ومهبط الوحي، ولا يشبه بالعاقر من النساء.
وفي كتاب شعيا أيضا من ذكر مكة: قد أقسمت بنفسي كقسمي أيام نوح ألا أغرق الأرض بالطوفان كذلك أقسمت أن لا أسخط عليك ولا أرفضك، وأن الجبال تزول، والقلاع تنحط، ونعمتي عليك لا تزول، ثم قال: يا مسكينة يا مضطهدة، ها أنا ذا بان، بالحسن حجارتك ومزينك بالجوهر، ومكلل باللؤلؤ سقفك، وبالزبرجد أبوابك، وتبعدين من الظلم ولا تخافين، ومن الضعف لا تضعفي، وكل سلاح يصنع لا يعمل فيك، وكل لسان ولغة يقوم معك بالخصومة تفلحين معها.
ثم قال: وسيسميك اللَّه اسما جديدا- يريد أنه سمى المسجد الحرام وكان قبل ذلك يسمى الكعبة- فقومي فأشرقي، فإنه قد دنا نورك ووقار اللَّه عليك، انظري بعينك حولك، فإنهم مجتمعون، يأتوك بنوك وبناتك عدوا، فحينئذ تسرين