للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: من حبابك يا عمرو بن مرة! فقلت: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمي ابعثني على قومي لعل اللَّه أن يمن بي عليهم كما من بك عليّ.

فبعثني إليهم وقال: عليك بالرفق في القول السديد، ولا تكن فظا ولا متكبرا ولا حسودا،

فأتيت قومي فقلت فقلت لهم: يا بني رفاعة ثم يا بني جهينة، إني رسول رسول اللَّه إليكم أدعوكم إلى الجنة وأحذركم النار، وآمركم بحق الدماء وصلة الأرحام، وعبادة اللَّه ورفض الأصنام، وحج البيت وصيام شهر رمضان، شهر من اثني عشر شهرا، فمن أجاب فله الجنة، ومن عصى فله النار، يا معشر جهينة! إن اللَّه- وله الحمد- جعلكم خيار من أنتم منه، وبغّض إليكم في جاهليتكم ما حبب إلى غيركم من الرفث، إنهم كانوا يجمعون بين الأختين، ويخلف الرجل منهم على امرأة أبيه التراث في الشهر الحرام، فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤيّ ابن غالب تنالوا شرف الدنيا وكبير الأجر في الآخرة، فسارعوا في ذلك تكن [ (١) ] لكم فضيلة عند اللَّه.

فأجابوا إلا رجلا منهم قام فقال: يا عمرو بن مرة، أمرّ اللَّه عليك عيشك! أتأمرنا أن نرفض آلهتنا ونفارق جماعتنا، ونخالف ديننا إلى ما يدعو إليه هذا القرشيّ من أهل تهامة؟ لا، ولا حبا ولا كرامة، ثم أنشأ الخبيث يقول:

إن ابن مرة قد أتى بمقالة ... ليست مقالة من يريد صلاحا

إني لأحسب قوله وفعاله ... يوما وإن طال الزمان رياحا

أتسفّه الأشياخ ممن قد مضى؟ ... من رام ذلك لا أصاب ولاحا

فقال عمرو بن مرة: الكاذب مني ومنك أمرّ اللَّه عيشته، وأبكم لسانه وأكمه بصره، قال عمرو بن مرة: واللَّه ما مات حتى سقط فوه، وكان لا يجد طعم الطعام، وعمي وخرس، فخرج عمرو بن مرة ومن أسلم من قومه حتى أتوا النبي صلّى اللَّه عليه وسلم فرحب بهم وحياهم، وكتب لهم كتابا نسخته:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا كتاب من اللَّه على لسان رسول اللَّه، بكتاب


[ (١) ] في (خ) : «تكون» .