للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعدل ذي حكم من الحكام ... يصدع بالنور وبالإسلام

ويمنع الناس عن الآثام ... مستعلن في البلد الحرام

قال: ففزعنا وتفرقنا من عنده، وصار ذلك الشعر حديثا حتى بلغنا أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قد خرج بمكة ثم قدم المدينة ثم جئت وأسلمت [ (١) ] .

ومن حديث الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: كنا جلوسا عند صنم ببوانة قبل أن يبعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بشهر وقد نحرنا جزرا، فإذا صائح يصيح من جوف واحدة منها يقول:

* اسمعوا إلى العجب* ذهب استراق السمع وترمى الشّهب* لنبي بمكة اسمه أحمد ومهاجره إلى يثرب* قال: فأمسكنا وعجبنا، وخرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.

وله من حديث شهر بن حوشب، عن عبد اللَّه بن عباس، عن سعد بن عبادة رضي اللَّه عنه، قال: بعثني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلى حضر موت في حاجة قبل الهجرة، حتى إذا كنت في بعض الطريق عرست ساعة من الليل، فسمعت هاتفا يقول:

أبا عمرو ناوبني [ (٢) ] السهود ... وراح النوم وامتنع الهجود [ (٣) ]

لذكر عصابة سلفوا وبادوا ... وكل الخلق قصرهم يبيد

تولوا واردين إلى المنايا ... حياضا ليس سهلها الورود

مضت لسبيلهم وبقيت خلفا ... وحيدا ليس يستغني وحيد

سدى لا أستطيع علاج أمر ... إذا ما عولج الطفل الوليد

فلا يا ما بقيت إليّ أنا ... وقد ماتت بمهلكها ثمود

وعاد والقرون بذي شعوب ... سواء كلهم إرم حصيد

قال: ثم صاح به آخر: يا خرعب ذهب بك اللعب، إن أعجب العجب،


[ (١) ] أخرجه أبو نعيم في (الدلائل) ، ١/ ١١٧، حديث رقم (٦٤) ، وسبق الإشارة إليه وتصويب الأبيات.
[ (٢) ] تناوبنا الخطب والأمر، نتناوبه: إذا قمنا به نوبة بعد نوبة، والمراد هنا كثرة السهر. (اللسان) : ١/ ٧٧٥.
[ (٣) ] الهجود: النوم. (اللسان) : ٣/ ٤٣١.