للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«من ملك الملوك كسرى إلى النعمان بن المنذر، أما بعد فوجه إليّ برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه» ، فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني، فلما قدم عليه قال الملك: ألك علم أخبرته، وإلا دللته على من يعلمه، قال: فأخبره بما رأى. قال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح، قال: فاذهب إليه فاسأله وائتني بتأويل ما عنده، فنهض عبد المسيح حتى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت فسلم عليه وحياه، فلم يجد جوابا، فأنشد عبد المسيح يقول:

أصمّ أم يسمع غطريف اليمن ... أم فاد فازلمّ به شأو العنن

يا فأصل الخطة أعيت من ومن ... وكاشف الكربة عن وجه غضن

أتاك شيخ الحي من آل سنن ... وأمه من آل ذئب بن حجن

أزرق بهم الناب صوّار الأذن ... أبيض فضفاض الرداء والبدن

رسول قيل العجم يسرى بالرّسن ... لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن

تجوب بي الأرض علنداة شزن ... ترفعني وجنا [ (١) ] وتهوي بي وجن

حتى أتى عاري الجآجي والقطن ... تلفه في الريح بوعاء الدّمن

كأنما حثحث من حضني ثكن

[قال] [ (٢) ] : ففتح عينيه ثم قال: عبد المسيح، على جمل مسيح، جاء إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها، [يا] [ (٢) ] عبد المسيح! إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وخمدت نار فارس وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت.

ثم قضى سطيح مكانه، فنهض عبد المسيح إلى رحله وهو يقول:


[ (١) ] في (خ) : «وجن» ، وفي سائر النسخ: «وجنا» .
[ (٢) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .