للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشتاء والصيف اللتين بهما تعيّشهم ومقامهم بمكة، تقول: ألفت موضع كذا إذا لزمته وآلفنيه كما تقول: لزمت موضع كذا وألزمنيه اللَّه.

وكرر لإيلاف كما تقول: أعطيتك المال لصيانة وجهك صيانته عن كل الناس، فيكرر الكلام للتوكيد.

ثم أمرهم بالشكر فقال: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ [ (١) ] في هذا الموضع الجدب من الجوع، وَآمَنَهُمْ فيه والناس يتخطفون حوله مِنْ خَوْفٍ وقال أبو نعيم: وقصة أصحاب الفيل من أشهر القصص، قد نطق القرآن بها [ (٢) ] ، ورويت الأشعار فيها [ (٣) ] ، ولم يختلف أحد فيها، لا مشرك ولا موحد، وصارت هذه القصة في جملة القصص التي لا يمكن إنكارها، وذلك في العام الّذي ولد فيه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.

فدل ظاهر الحال على أن صرف اللَّه تعالى أصحاب الفيل عن قصدهم في تخريب الكعبة دلالة على تقوية أمر الحج، وتأييد لمن [هو] قائم به، ويدعي أنه شريعة له، فصار أمر الفيل لهذا المعنى بشارة بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، وتحقيقا لشريعته، وتأييدا لدعوته وللَّه الحمد.


[ (١) ] قريش: ٣- ٤.
[ (٢) ] في (دلائل أبي نعيم) : ١/ ١٤٣: «نطق بها القرآن» .
[ (٣) ] هؤلاء الشعراء هم:
[١] عبد اللَّه بن الزّبعرى بن عدي بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم، وله خمسة أبيات.
[٢] أبو قيس: صيفي بن الأسلت بن جشم بن وائل بن زيد بن قيس بن عامر بن مرة بن مالك بن الأوس، وله ستة أبيات ثم خمسة أبيات أخر.
[٣] طالب بن أبي طالب بن عبد المطلب، وله بيتان.
[٤] أبو الصلت بن ربيعة بن وهب بن علاج، وله ثمانية أبيات.
[٥] الفرزدق، واسمه همام بن غالب، أحد بني مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك ابن زيد مناة بن تميم، وله خمسة أبيات.
[٦] عبد اللَّه بن قيس الرقيات، أحد بني عامر بن لؤيّ بن غالب، وله ثلاثة أبيات.
وهذه الأشعار ذكرها ابن إسحاق في السيرة، انظر: (سيرة ابن هشام) : ١/ ١٧٦- ١٨١، «ما قيل في قصة الفيل من الشعر» ، وابن كثير في (التفسير) : ٤/ ٥٨٦- ٥٩١، تفسير سورة الفيل.