للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له صديق من أهل اليمن يقال له ذو عمير [ (١) ]- فسأله أن يرد إليه إبله، فقال: إني لا أطيق ذلك، ولكن إن شئت أدخلتك على الملك، فقال عبد المطلب: فافعل، فأدخله عليه فقال: إن لي إليك حاجة، قال: قضيت كل حاجة جئت تطلبها، قال: أنا في بلد حرام، وفي سبيل بين أرض العرب وبين أرض العجم، وكانت لي مائة ناقة مقلدة ترعى هذا الوادي بين مكة وتهامة، عليها نمير [ (٢) ] أهلنا ونخرج إلى تجارتنا ونتحمل من عدونا، عدا عليها جيشك فأخذوها، وليس مثلك يظلم من جاوره، فالتفت الحبشيّ إلى ذي عمرو ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى عجبا، فقال: لو سألني كل شيء أحرزه أعطيته إياه أما إبلك فقد رددتها عليك، ومثلها، فما يمنعك أن تكلمني في بيتكم هذا وبلدكم هذا؟ فقال له عبد المطلب:

أما بيتنا هذا وبلدنا هذا فإن لهما ربا إن شاء أن يمنعهما منعهما، ولكني [إنما] [ (٣) ] أكلمك في مالي، فأمر عند ذلك بالرحيل، وتألّى ليهدمنّ الكعبة مكة [ (٤) ] ، فانصرف عبد المطلب وقد سمع تأليّه في مكة وقد هرب أهلها، فليس بها إلا عبد المطلب وأهل بيته، فأخبرهم بذلك واندفع يرتجز وهو يطوف حول الكعبة:

لاهم [ (٥) ] إن المرء يمنع أهله فامنع حلالك [ (٦) ] ... لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا [ (٧) ] محالك [ (٨) ]

فإن فعلت فربما أولا فأمر ما بدا لك ... فإن فعلت فإنه أمر يتم به فعالك


[ (١) ] كذا في (خ) ، وفي (دلائل البيهقي) : «ذو عمرو» ، وفي ابن هشام: «ذو نفر» .
[ (٢) ] الميرة: المؤنة، قال تعالى: وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا [يوسف: ٦٥] .
[ (٣) ] زيادة في (خ) .
[ (٤) ] في (دلائل أبي نعيم) : «ليهدمن مكة» .
[ (٥) ] لاهمّ: أصلها: اللَّهمّ، والعرب تحذف منها الألف واللام، وكذلك تقول في «واللَّه إنك» :
«لاهنك» ، وذلك لكثرة دوران هذا الاسم على الألسنة. بل قالوا فيما هو دونه- في الاستعمال:
«أجنك» في «من أجل أنك» . (سيرة ابن هشام) : ١/ ١٧٠ هـ.
[ (٦) ] الحلال في هذا البيت: الحلول في المكان، والحلال: مركب من مراكب النساء، والحلال أيضا:
متاع البيت، وجائز أن يستعيره هاهنا. (المرجع السابق) .
[ (٧) ] في (خ) و (دلائل أبي نعيم) : «عدوا» وما أثبتناه من (سيرة ابن هشام) ، وغدوا: غدا.
[ (٨) ] المحال: القوة والشدة.