للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو نعيم [ (١) ] : رويت قصة أصحاب الفيل من وجوه، وسياق عثمان بن المغيرة أتمها وأحسنها شرحا، وما ذكر أن عبد المطلب بعث بابنه عبد اللَّه فهو وهم من بعض النقلة، لأن الزهري ذكر أن عبد اللَّه بن عبد المطلب كان موته عام الفيل، وأن الحرث بن عبد المطلب كان أكبر ولد عبد المطلب، وكان هو الّذي بعثه على فرسه لينظر ما لقي القوم [ (٢) ] .

وخرج من حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: كان من شأن الفيل أن أبرهة الأشرم ملك الحبشة بعث مع أبي يكسوم [ (٣) ] فبعث فيهم يريد أن يغزو الكعبة فيهدمها، وساكنها يومئذ قريش، وإن أبا يكسوم أقبل بالفيل ومن معه، حتى إذا أبصر الحرم ودنوا منه، حبس اللَّه الفيل بذي المغمّس [ (٤) ] ، فكان إذا ضربوه ليدخل مكة أبي عليهم، وإذا تركوه وجّه راجعا إلى وجهه الّذي جاء منه، فرجعوا ذلك العام، حتى إذا كان [بعد ذلك بعامين خرج رجال من] العرب حتى قدموا على أبرهة فعجزوه في إرساله أول مرة، وأمروه أن يبعث الثانية، فبعث الأسود بن مفصود، وبعث معه بكتيبة عظيمة معها الفيل، حتى إذا دنوا من الحرم ونظروا إليه، بعث اللَّه عليهم بقدرته طيرا أبابيل خرجت من البحر. والأبابيل: من أفواج الطير، وزعموا- واللَّه أعلم- أن لها خراطيم أمثال البلس [ (٥) ] ، فلما بلغ ذلك قريشا قام رجال منهم فاستقبلوا الكعبة يدعون اللَّه على الفيل ومن معه، فكان ممن قام في ذلك اليوم عبد المطلب بن هاشم، وعكرمة بن عامر العبدري، فقال عبد المطلب: لاهم فأخز الأسود بن مفصود ... ،


[ (١) ] في (دلائل أبي نعيم) : «قال الشيخ» .
[ (٢) ] هذا الحديث أخرجه أبو نعيم في (دلائل النبوة) : ١/ ١٤٤- ١٤٨، حديث رقم (٨٦) ، وابن سعد في (الطبقات الكبرى) : ١/ ٩٠ من طرق متعددة جمع رواياتها، والحاكم في (المستدرك) :
٢/ ٥٨٣- ٥٨٤، حديث رقم (٣٩٧٤/ ١١١٢) وقال في آخره: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وابن كثير في (التفسير) : ٤/ ٥٨٧- ٥٩١، تفسير سورة الفيل.
[ (٣) ] في هذه العبارة نظر، فأبو يكسوم هو أبرهة، قال ابن إسحاق: ولما هلك أبرهة، ملك الحبشة ابنه يكسوم بن أبرهة، وبه كان يكنى، فلما هلك يكسوم بن أبرهة، ملك اليمن في الحبشة أخوه مسروق ابن أبرهة [سيرة ابن هشام] : ١/ ١٨٢، تحت عنوان: «ولدا أبرهة» .
[ (٤) ] المغمّس: موضع على ثلث فرسخ من مكة.
[ (٥) ] وزاد ابن كثير في (التفسير) : «وأكفّ كأكفّ الكلاب» .