للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحرث قال: دخلت مع أبي على فاطمة بنت المنذر فحدثتنا أحاديث، وكان فيما حدثت أن قالت أسماء بنت أبي بكر رضي اللَّه عنها تقول: لما قدم أصحاب الفيل بالفيل وأصابهم ما أصابهم، دخل سائقه وقائده مكة، فلم يزالا بها حتى رأيتهما قبل أن ينبأ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أعميين مقعدين يستطعمان الناس، يكونان حيث يذبح المشركون ذبائحهم، فقال لها: أي أين كانوا يذبحون؟ قالت: على إساف ونائله [ (١) ] .

وقد ذكر محمد بن إسحاق أن سبب غزو أبرهة البيت أنه بني القلّيس بصنعاء، فبني كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض، ثم كتب إلى النجاشي ملك الحبشة: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبق مثلها لمن كان قبلك، ولست بمنته حتى أصرف إليها حاج العرب، فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة غضب رجل [من] [ (٢) ] النّسأة (أحد بني فقيم بن علي بن عامر بن ثعلبة بن الحرث بن مالك ابن كنانة بن خزيمة) فخرج حتى أتى القليس فقعد فيها (يعني سلح) [ (٣) ] ، ثم خرج فلحق بأرضه فأخبر أبرهة بذلك فقال: من صنع هذا؟ فقيل له: صنع هذا رجل من العرب أهل هذا البيت الّذي يحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك: «أصرف إليه حاج العرب» ، غضب فجاء فقعد فيها، أي لست لذلك بأهل.

فغضب عند ذلك أبرهة، وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه، وتجهزت ثم أمر الحبشة فتهيأت ثم ساروا، وخرج معه بالفيل، وسمعت بذلك العرب فأعظموه وفظعوا به، ورأوا جهاده حقا عليهم لما رأوا أنه يريد هدم الكعبة بيت اللَّه الحرام.

فخرج إليه رجل كان من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له: ذو نفر فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت اللَّه، فأجابه


[ (١) ] (المرجع السابق) : ١٧٦، (تفسير ابن كثير) : ٤/ ٥٩٠، وقال: كان اسم قائد الفيل [أنيسا] .
[ (٢) ] زيادة للسياق، والنسأة: جمع ناسئ، وهم الذين كانوا ينسئون الشهور، أي يؤخرون حرمة أحد الأشهر الحرم، وقد سبق شرح ذلك.
[ (٣) ] سلح: من السّلاح، وهو النّجو، [وهو الغائط] ، (ترتيب القاموس) : ٢/ ٥٩٢، (دلائل أبي نعيم) : ١/ ١٥١، قال أبو نعيم: «فقعد فيها أي تغوّط فيها) .