للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له: أعط هذا الرجل حقه، قال: نعم، لا تبرح حتى أعطيه الّذي له، فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه، ثم انصرف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وقال للإراشيّ: ألحق بشأنك.

فأقبل الإراشيّ حتى وقف على ذلك المجلس فقال: جزاه اللَّه خيرا، فقد واللَّه أخذ لي الّذي لي. قال: وجاء الرجل الّذي بعثوا معه فقالوا: ويحك! ماذا رأيت.

قال: رأيت عجبا من العجب، واللَّه إن هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج إليه وما معه روحه فقال: أعط هذا حقه، قال نعم، لا تبرح حتى أخرج إليه حقه، فدخل، فخرج إليه بحقه فأعطاه إياه.

قال: ثم لم يلبثوا أن جاءهم أبو جهل فقالوا له: ويلك! مالك؟ واللَّه ما رأينا مثل ما صنعت، فقال: ويحكم! إن هو إلا أن ضرب عليّ بابي وسمعت صوته فملئت منه رعبا ثم خرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل، ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، واللَّه لو أبيت لأكلني [ (١) ] .

ورواه أبو يزيد المدني وأبو قزعة الباهلي، أن رجلا كان له على أبي جهل دين فلم يعطه [له] ، فقيل له: ألا ندلك على من يستخرج لك حقك؟ قال: بلى، قالوا: عليك بمحمد بن عبد اللَّه، فأتاه فجاء معه إلى أبي جهل فقال: أعط حقه، قال: نعم، فدخل البيت فأخرج دراهمه فأعطاه إياه، فقالوا لأبي جهل: فرقت من محمد كل هذا؟ قال: والّذي نفسي بيده لقد رأيت معه رجالا معهم حراب تلألأ.

وقال أبو قزعة في حديثه: حرابا تلمع، لو لم أعطه لخفت أن تنفخ بها بطني.

ورواه ابن حبان عن الحسن بن محمد قال: قال أبو زرعة الرازيّ عن شيبان بن فروخ وقال: حدثنا سلام بن مسكين، حدثنا أبو يزيد المدني وأبو قزعة مثله وقد تقدم قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: ألا تعجبون كيف يصرف اللَّه عني شتم قريش ولعنهم؟ يشتمون


[ (١) ] (دلائل النبوة لأبي نعيم) : ١/ ٢١٠- ٢١٢، باب ذكر خبر آخر فيما اللَّه تعالى حجّ به أمر نبيه صلّى اللَّه عليه وسلم لما كلم أبا جهل أن يؤدي غريمه حقه لما تقاعد به، حديث رقم (١٦١) ، (سيرة ابن هشام) :
٢/ ٢٣٣- ٢٣٥، باب أبو جهل والأراشي، (دلائل النبوة للبيهقي) : ٢/ ١٩٢- ١٩٤.