للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستفاضت الأخبار به بنقل الأمناء العدول من جهات كثيرة مختلفة، يستحيل فيها على مضي السنين وتطاول المدة، واختلاف همم النقلة ودواعيهم [التواطؤ] [ (١) ] عليها، فحصلت بحمد اللَّه الدلائل خاصا وعاما.

والقرآن هو الحجة الباقية بقاء الدهر، التي عجزت العرب مع خصاصتهم وبلاغتهم عن معارضته، مع ما يرجعون إليه من العقول الراجحة، [والافهام] [ (٢) ] الكاملة، فليس يخلو تركهم معارضته من أحد أمرين: إما عجزا عنها أو قدرة عليها، فإن كان عجزا فهو ما يقوله، وإن كانوا قادرين على معارضته فلم يعارضوا لصرفة، صرفهم اللَّه عنها، فهي أيضا معجزة، كما لو أن مدعيا ادّعى النبوّة فقال:

[آيتي] [ (٣) ] أنكم لو أردتم الكلام يومكم هذا لم يمكنكم، فلم يمكنهم الكلام، كان ذلك معجزة له، وآية للصرف التي صرفهم اللَّه عن النطق والكلام، وقد كان أمره صلّى اللَّه عليه وسلم في الانتفاء عن علم الغيب، و [براءته] [ (٤) ] من ادعائه ظاهرا منتشرا، وأنه لا يعلم منه إلا ما علمه اللَّه وأنبأه.

وذكر من حديث مسدد قال: أخبرنا بشر بن المفضل، أخبرنا خالد بن ذكوان، حدّثتنا الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: جاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فدخل عليّ صبيحة بني بي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلن جويرات لنا يضربن بالدف من أمامي يوم بدر، إلى أن قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في الغد؟ فقال: دعي هذه وقولي [الّذي] [ (٥) ] كنت تقولين.

ومن حديث إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني أبي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم مرّ بناس من الأنصار في عرس لهن يتغنين:

وأهدى لها [كبشا] [ (٦) ] تبجح في المربد ... وزوجك في النادي يعلم ما في غد

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لا يعلم ما في غد إلا اللَّه عزّ وجلّ،

فكانوا أنصاره وأعوانه،


[ (١) ] زيادة للسياق.
[ (٢) ] زيادة للسياق.
[ (٣) ] زيادة للسياق.
[ (٤) ] زيادة للسياق.
[ (٥) ] زيادة للسياق.
[ (٦) ] زيادة للسياق.