للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرنين، فجاءهم وهو أمّيّ من أمّة أميّة، ليس لها بذلك علم بما عرفوا من الكتب السالفة صحته، فتحققوا صدقه.

وهذا دليل على صحة نبوته، وتقريره أن محمدا قد أخبر بغيب لم يحضره، ولم يخبره به مخبر سوى اللَّه تعالى، وكل من أخبر بغيب [كذلك] [ (١) ] فهو نبي صادق، فمحمد نبيّ صادق.

أما الأول فلأنه أخبرهم بما كان ولم يحضره قطعا، ولم يخبره به سوى اللَّه، إذ لم يكن كاتبا ولا مؤرخا، ولا خالط أحدا ممن هو كذلك حتى يخبره.

وأما [الثاني] [ (٢) ] فلأن من كان [كذلك] [ (٣) ] يعلم قطعا أنه علم ذلك الغيب بوحي، وكل من أوحي إليه الوحي الحقيقي فهو نبي.

قال القاضي أبو الطيب: ونحن نعلم ضرورة أن هذا مما لا سبيل إليه إلا عن تعلم، وإذا كان معروفا أنه لم يكن ملابسا لأهل الآثار وحملة الأخبار، ولا مترددا إلى التعلم منهم، ولا كان ممن يقرأ، فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه علم، إنه لا يصل إلى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحي.

سادسها: الوفاء بالوعد المدرك بالحس في العيان، في كل ما وعد اللَّه تعالى، وهي تنقسم إلى أخباره المطلقة، كوعده بنصر رسوله، وإخراج الذين أخرجوه من وطنه، وإلى وعد مقيد بشرط لقوله وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [ (٤) ] ، ووَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [ (٥) ] ووَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [ (٦) ] وإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [ (٧) ] ، وشبه ذلك.

سابعها: الإخبار عن المغيبات في المستقبل، التي لا يطلع عليها إلا بوحي، فمن ذلك: ما وعد اللَّه نبيه أنه سيظهر دينه على الأديان بقوله: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [ (٨) ] ، ففعل ذلك، فكان


[ (١) ] زيادة للسياق.
[ (٢) ] زيادة للسياق.
[ (٣) ] زيادة للسياق.
[ (٤) ] الطلاق: ٣.
[ (٥) ] التغابن: ١١.
[ (٦) ] الطلاق: ٢.
[ (٧) ] الأنفال: ٦٥.
[ (٨) ] التوبة: ٣٣، الفتح: ٢٨، الصف: ٩.