للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا حلال ولا حرام، وإنما هي كمثل قول الرجل للرجل: أقبل، وتعال، وادن، وهلم، ونحو هذا.

وأكثر أحاديث هذا الباب حجة لهذا المذهب، وذكر حديث أبي بكرة الّذي تقدم ذكره.

ومن طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، قال: قال الزهري: إنما هذه الأحرف السبعة هي في الأمر الواحد الّذي لا اختلاف فيه. وروي الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: إني سمعت القراءة فرأيتهم متقاربين، فاقرءوا كما علّمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف، فإنما هو كقول أحدكم: هلم، وتعال.

وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا [ (١) ] . للذين آمنوا أمهلونا، للذين آمنوا أخرونا، للذين آمنوا ارقبونا. وبهذا الإسناد عن أبيّ أنه كان يقرأ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ [ (٢) ] مروا فيه، سعوا فيه، كل هذه الحروف كان يقرأها أبيّ بن كعب، فهذا معنى الحروف المراد بها الحديث. واللَّه أعلم، إلا أن مصحف عثمان الّذي هو بأيدي الناس اليوم، هو منها حرف واحد، وعلى هذا أهل العلم، فاعلم.

وذكر ابن وهب في كتاب (الترغيب والترهيب) قال: قيل لمالك رحمه اللَّه:

[أترى] أن تقرأ بمثل ما قرأ عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال: ذلك جائز،

قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرءوا منه ما تيسر، ومثل تعلمون، ويعلمون،

وقال: مالك: لا أرى باختلافهم في مثل هذا الباب بأسا.

قال: وقد كان الناس ولهم مصاحف، والستة الذين أوصى إليهم عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه كانت لهم مصاحف، قال ابن وهب: وسألت مالكا رحمه اللَّه عن مصحف عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه، قال: وأخبرني مالك بن أنس قال: أقرأ عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه رجلا: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ


[ (١) ] الحديد: ١٣.
[ (٢) ] البقرة: ٢٠.