للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة، وقراءتهم مختلفة، وخرجوا فيها إلى المناكرة.

فأما الأحرف التي صوّب الرسول صلّى اللَّه عليه وسلم القراءة بجميعها، وهي التي راجع فيها قراءته، وسهل عليه بعلمه تعالى بما هم عليه من اختلافهم في اللغات، فإنّها سبعة أوجه وسبع قراءات مختلفات بطرائق يقرأ بها على اختلافها في جميع القرآن، ومعظمه حسب ما تقتضيه القراءة.

[و] [ (١) ] العبارة في قوله: أنزل القرآن: فإنما أريد به الجميع أو المعظم، فجائز أن يقرأ بهذه الوجوه على اختلافها، ويدل على ذلك قول الناس: حرف أبي، وحرف [ابن] [ (١) ] مسعود، ويقول في الجملة: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب، وتغيير الأسماء والصور، وأن ذلك متفرق في كتاب اللَّه تعالى ليس موجودا في حرف واحد وسورة واحدة يقطع على اجتماع ذلك فيها.

قال ابن عطية: انتهى ما جمعت من كلام القاضي أبي بكر، وإطلاقه البطلان على القول الّذي حكاه فيه نظر، لأن المذهب الصحيح الّذي قرره أجزاء من قوله، ونقول في الجملة: إنما فتح وترتب من جهة الاختلاف ليس بشديد التباين، حتى يجهل بعضهم ما عند بعض في الأكثر، وإنما هو أن قريشا استعملت في عبارتها شيئا، واستعملت هذيل في ذلك المعنى شيئا غيره، وسعد بن بكر غيره، والجميع كلامهم في الجملة ولغتهم.

واستدلال القاضي بأن لغة عمرو، وأبي، وهشام، وابن مسعود واحدة، فيه نظر، لأن ما استعملته قريش في عبارتها، ومنه عمر وهشام، وما استعملته الأنصار ومنهم أبي، وما استعملته هذيل ومنهم ابن مسعود قد تختلف، ومن ذلك النحو من الاختلاف هو الاختلاف في كتاب اللَّه تعالى، فليست لغتهم واحدة في كل شيء.

وأيضا فلو كانت لغتهم واحدة، بأن نفرضهم جميعا من قبيلة واحدة، لما كان اختلافهم حجة على من قال: إن القرآن أنزل على سبع لغات، لأن مناكرتهم


[ (١) ] زيادة للسياق.