للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر ما نقل عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه أنه قرأ: «وليس له شراب إلا من غسلين من عين تجري من تحت الجحيم» ، وأنه قرأ: «في جيدها حبل من ليف» ، ثم قال: وما نعلم أن سندا يتصل بعبد اللَّه بن مسعود في أنه قرأ ذلك، ولا يصح من هذا في مصحف مكتوب، إذا لم يصحّحه إجماع أو أسانيد معروفة الأهل، مشهورون بصحة النقل، فلو أن حديثا للرسول صلّى اللَّه عليه وسلم أورده مورد في مصحف بسند لا يعرف، لم يحكم على الرسول به، ولم يقبله عليه، فكيف يقبل على اللَّه رب العالمين أنه قال في القرآن: «من عين تجري من تحت الجحيم» ، والصحابة متفقون على إبطال ذلك، وروايتهم عن الرسول صلّى اللَّه عليه وسلم ما يخالفه، وفيهم من أتقن القرآن من أوله إلى آخره، ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حيّ، فلو أسقط عثمان حرفا لعارضه الحفاظ الذين حفظوا جميع القرآن على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فلما وافقوه كان في هذا أوضح برهان على أن جميع ما يخالف ما مع المسلمين من القرآن، من كلام الشياطين ووضع إبليس.

وما

لعبد اللَّه بن مسعود مما دخل فيه على بن أبي طالب، فذكر من طريق الحسن ابن عرفة قال: حدثنا عيسى بن يونس عن مجالد عن الحسن بن سعد عن قيس بن عبد، قال: قرأت عند عليّ أو قرئت عند على شك مجالد: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ [ (١) ] ، فقال علي رضي اللَّه عنه: ما قال الطلح، أما يقرأ وطلع؟ ثم قال: وطلع نضيد، فقيل له:

يا أمير المؤمنين أتحكها من المصحف؟ فقال: لا، لا يهاج القرآن اليوم.

قال: ومعنى هذا: أنه رجع إلى ما في المصحف، وعلم أنه هو الصواب، وأبطل الّذي كان فرط من قوله، فما يلحق عبد اللَّه بن مسعود نقص برجوعه عما كان يقرأ به إلى قراءة عثمان كما رجع إليها عليّ، وعثمان مشهود له بحفظ جميع القرآن وإتقانه.

قالت نائلة بنت العرائض: لما دخل المضريون على عثمان [قالوا] [ (٢) ] إن شئتم فاقتلوه وإن شئتم فاتركوه، فقد كان يقرأ القرآن من أوله إلى آخره في ركعة.

وقال يحيى بن زكريا الأنصاري، عن يعلي عن عمر بن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: ما رأيت قرشيا كان أقرأ لكتاب اللَّه عزّ وجل منك يا ابن أبي طالب.


[ (١) ] الواقعة: ٢٩.
[ (٢) ] زيادة للسياق والبيان.