للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، لأنهم كانوا يرجعون عنه إذا رضوا، وقد قال زيد بن ثابت: كنا عند رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع، فإذا تقدم زيد في هذا ورسول اللَّه حيّ، كان أحق الناس بالجمع بعد وفاته، وما اختلف أهل العلم في أن زيدا ضم القرآن وحفظه في حياة رسول اللَّه، وأن عبد اللَّه بن مسعود قبض رسول اللَّه وهو غير حافظ لجميع القرآن، وقراءة عبد اللَّه هي قراءة زيد، لا نعلم بينهما خلافا أخل بمعنى ولا [يفسده] [ (١) ] وما يروى مما يخالف ذلك لا [يخلو] [ (١) ] من أن يكون موضوعا على جهة العناد لعثمان وبقية الصحابة، وللتشكيك [فيما] [ (١) ] قد صح من كتاب اللَّه الّذي قد [جمعه صحابة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم] [ (٢) ] ، ولم يحصل ما روى، أو أن يكون الحديث المتضمن له واهي السند منقطعة، لا يقوم بمثله حجة.

وذكر ما نقل عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه أنه قرأ: وجاءت سكرة الحق بالموت [ (٣) ] ، ثم قال: رويت عنه روايتان: إحداهما موافقة للمصحف، فعليها العمل، والأخرى مرفوضة، تجري مجرى النسيان منه إن كان قالها، أو الغلط من بعض من نقل الحديث عنه، وأورد حديث جرير عن منصور، عن أبي وائل عن مسروق قال: لما حضر أبو بكر رضي اللَّه عنه أرسل إلى عائشة رضي اللَّه عنها، فلما دخلت عليه قالت: هذا كما قال الشاعر:

إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر

فقال لها أبو بكر رضي اللَّه عنه: ألا قلت كما قال اللَّه تعالى: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ الحديث.

وذكر ما نقل عن عمر بن الخطاب وعبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنهما، أنهما قرءا: فامضوا إلى ذكر اللَّه، ثم قال: إن الأمة اجتمعت على: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [ (٤) ] ، برواية ذلك عن رب العالمين ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فأما عبد اللَّه ابن مسعود، فما صح عنه: «فامضوا» ، لأن السند غير متصل، إذ إبراهيم النخعي


[ (١) ] زيادة للسياق.
[ (٢) ] ما بين الحاصرتين سياقه مضطرب في (خ) ، ولعل ما أثبتناه يناسب السياق.
[ (٣) ] ق: ١٩، وقراءتها على رواية حفص عن عاصم: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ
[ (٤) ] الجمعة: ٩.