للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر «لقبل» تفسيرا لمعنى القرآن، فتوهم بعض من نقل الحديث أنه من القرآن فأدخله فيه، وإجماع الأمة يدل على صحة هذا التأويل.

قال: وكل ما يحتج به مما يحكى عن الأئمة من خلاف المصحف المجمع عليه لا تقوم به حجة، ولا يجوز أن يستعمل شيء منه في صلاة ولا غيرها، لأنه لا [يخلو] من أن يكون الحرف المخالف تفسيرا لمعنى القرآن، فأدخله بعض الناقلين في القرآن، بقصور علمه، أو يكون بعض الرواة لم يضبط ما نقل، ولم يصحح ما آثر، أو يكون المنقول عنه غلط كما يغلط البشر، فقرأ بحرف يقدّر أنه مثبت في المصحف فلم يصح تقديره.

وذكر ما نقل عن عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ «أفلم يتبين الذين آمنوا أن لو يشاء اللَّه [لهدى] الناس جميعا» [ (١) ] ، ثم قال هذا باطل عن ابن عباس، لأن مجاهد وسعيد ابن جبير حكيا الحرف عن ابن عباس على ما في المصحف بقراءة أبي عمرو وروايته عن مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عباس، يرفعه إلى أبيّ، ويبلغ به رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.

قال الحسن بن عيسى المقرئ: حدثنا هارون الكوفي، حدثنا أبو العباس حسن الليثي قال: قلت لأبي عمرو بن العلاء: على من قرأت؟ فقال: على مجاهد وسعيد ابن جبير، والقراءة عندهم سنّة، يأخذها آخر عن أول، قال: فكل واحد من الأئمة- أئمة الأمصار- قراءته روايته، ونقل الإسناد الّذي يذكره ويفصح به.

وذكر ما نقل عن عطاء عن ابن عباس أنه قرأ: «فلا جناح عليه ألا يطوف بهما» [ (٢) ] ، ثم قال: هو باطل، من قرأه عامدا في صلاته فقد أفسدها، وحكى عن اللَّه تعالى ما لم ينقل بإجماع المسلمين على خلافه، واحتجاج عائشة رضي اللَّه عنها خاصة، على ما قرأته، وإبطالها مذهبه.

وذكر حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قلت لعائشة وأنا حديث السن: أرأيت قول اللَّه تعالى: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [ (٢) ] ، فقد تطوف الناس بهما، وما أرى على أحد شيئا أن لا يطّوف بهما، فقالت: كلا يا بني، لو كانت كما تقول


[ (١) ] الرعد: ٣١، وقراءة حفص: أَفَلَمْ يَيْأَسِ.
[ (٢) ] البقرة: ١٥٨، وقراءة حفص: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما.