للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنكم تكلمونه إلا وقد كلمته، قالوا: فهل أجابك؟ قال نعم، قال: لا والّذي نصبها بنية [ (١) ] ، ما فهمت شيئا مما قال، غير أنه قال: أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ، قالوا: ويلك! يكلمك رجل بالعربية لا تدري ما قال؟

قال: لا واللَّه ما فهمت شيئا مما قال، غير ذكر الصاعقة [ (٢) ] .

وخرجه البيهقي من حديث محمد بن فضيل قال: حدثنا الأجلح عن الذّيال ابن حرملة، عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال أبو جهل والملأ من قريش: لقد انتشر علينا أمر محمد، فلو التمستم رجلا عالما بالسحر والكهانة والشعر، فكلمه ثم أتانا من أمره، فقال عتبة: لقد سمعت بقول السحرة والكهّان والشعراء، وعلمت من ذلك علما، وما يخفى عليّ إن كان كذلك، فأتاه.

فلما أتاه قال له عتبة: يا محمد! أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد اللَّه؟ فلم يجبه، قال: فيم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا؟

فإن كنت إنما بك الرئاسة عقدنا ألويتنا لك، فكنت رأسا ما بقيت، وإن كان الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي أبيات قريش شئت، وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني بها أنت وعقبك من بعدك، ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ساكت لا يتكلم.

فلما فرغ قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ فقرأ حتى بلغ: أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ،

فأمسك عتبة على فيه وناشده الرحم أن يكف عنه، ولم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم، فقال أبو جهل: يا معشر قريش، واللَّه ما نرى عتبة إلا وقد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه، وما ذاك إلا من حاجة أصابته انطلقوا بنا إليه، فأتوه فقال أبو جهل: واللَّه يا عتبة ما حسبنا إلا


[ (١) ] يقسم بالكعبة.
[ (٢) ] (دلائل أبي نعيم) ١/ ٢٣٠- ٢٣١، حديث رقم (١٨٢) ، وأخرجه السيوطي في (الخصائص الكبرى) : ١/ ٢٨٣ وقال: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه برقم (١٨٤٠٩) ، والبيهقي في (دلائل النبوة) : ٢/ ٢٠٢- ٢٠٤.
وقال في (مجمع الزوائد) : ٦/ ١٢٠ رواه أبو يعلي، وفيه الأجلح الكندي وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات.