للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورائي أني واللَّه سمعت قولا ما سمعت بمثله قط، واللَّه ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش! أطيعوني واجعلوها بي، خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه، فو اللَّه ليكونن لقوله الّذي سمعت نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به، قالوا: سحرك واللَّه يا أبا الوليد بلسانه، فقال: هذا رأيي لكم، فاصنعوا ما بدا لكم، ثم ذكر شعرا يمدح به عتبة فيما قال [ (١) ] .

وله من حديث المثنى بن زرعة، عن محمد بن إسحاق، عن نافع عن ابن عمر قال: لما قرأ النبي صلّى اللَّه عليه وسلم على عتبة بن ربيعة: حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، أتى أصحابه فقال لهم: يا قوم، أطيعوني في هذا اليوم واعصوني فيما بعده، فو اللَّه لقد سمعت من هذا الرجل كلاما ما سمعت أذناي قط كلاما مثله، وما دريت ما أردّ عليه [ (٢) ] .

وله من حديث يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني الزهري قال:

حدثت أن أبا جهل وأبا سفيان والأخنس بن شريق، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وهو يصلي بالليل في بيته، وأخذ كل رجل منهم مجلسا ليستمع فيه وكلا لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا أصبحوا وطلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق، فتلاوموا وقال بعضهم لبعض: لا تعودوا، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا.

حتى إذا كانت الليلة الثانية فإذا كل رجل منهم في مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعتهم الطريق، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا.

فلما كانت الليلة الثالثة أخذ كل منهم مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق، فقالوا: لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود، وتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا، فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج


[ (١) ] (دلائل البيهقي) : ٢/ ٢٠٤- ٢٠٥.
[ (٢) ] (دلائل البيهقي) : ٢/ ٢٠٥- ٢٠٦.