أبايعك على الإسلام، قال: فبايعه، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: وعلى قومك؟ قال:
وعلى قومي،
قال فبعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم سريّة فمروا بقومه، فقال صاحب السرية للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئا؟ فقال رجل من القوم: أصبت مطهرة، فقال:
ردوها، فإن هؤلاء قوم ضماد [ (١) ] .
وقال الواقدي: حدثنا محمد بن سليط عن أبيه عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن العدوي قال: قال ضماد: قدمت مكة معتمرا، فجلست مجلسا فيه أبو جهل، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، فقال أبو جهل: هذا الرجل الّذي فرق جماعتنا، وسفّه أحلامنا، وضلل من مات منا، وعاب آلهتنا، فقال أمية: الرجل مجنون غير شك،
قال ضماد: فوقعت في نفسي كلمته وقلت: إني رجل أعالج من هذه الريح، فقمت من ذلك المجلس وأطلب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فلم أصادفه ذلك اليوم، حتى كان الغد فجئته فوجدته جالسا خلف المقام يصلي، فجلست حتى فرغ، ثم جلست إليه فقلت: يا ابن عبد المطلب! فأقبل عليّ فقال: ما تشاء؟ فقلت: إني أعالج من الريح، فإن أحببت عالجتك، ولا يكثرن ما بك، فقد عالجت من كان به أشدّ مما بك فبرأ، وسمعت قومك يذكرون فيك خصالا سيئة، من تسفيه أحلامهم، وتفريق جماعتهم، وتضليل من مات منهم، وعبت آلهتهم، فقلت: ما فعل هذا إلا رجل به جنه، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: الحمد للَّه أحمده، وأستعينه، وأؤمن به وأتوكل عليه، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال ضماد:
فسمعت كلاما لم أسمع كلاما قط أحسن منه، فأستعيده الكلام فأعاد عليّ، فقلت: إلى ما تدعو؟ قال: إلى أن تؤمن باللَّه وحده لا شريك له، وتخلع الأوثان من رقبتك، وتشهد أني رسول اللَّه، فقلت: فماذا إليّ إن فعلت؟ قال: لك الجنة، قلت: فإنّي أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأخلع الأوثان من رقبتي، وأبرأ منها، وأشهد أنك عبد اللَّه ورسوله، فأقمت مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم علمت سورا كثيرة من القرآن،
ثم رجعت إلى قومي، قال عبد اللَّه بن عبد الرحمن
[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ٦/ ٤٠٥- ٤٠٦، كتاب الجمعة باب (١٣) تخفيف الصلاة والخطبة، حديث رقم ٤٦- (٨٦٨) ، (دلائل البيهقي) : ٢/ ٢٢٣- ٢٢٤، باب إسلام ضماد وما ظهر له فيما سمع من النبي صلّى اللَّه عليه وسلم من آثار النبوة.