للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إضحيان [ (١) ] ، إذ ضرب على أسمختهم [ (٢) ] ، فما يطوف بالبيت أحد، وامرأتان منهم تدعوان إسافا ونائلة [قال: فأتتا عليّ في طوافهما فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى، قال: فما تناهتا [ (٣) ] عن قولهما، قال: فأتتا عليّ فقلت: هن مثل الخشبة [ (٤) ] غير أني لا أكني] [ (٥) ] فانطلقنا تولولان وتقولان: لو كان هنا أحد من أنفارنا، قال:

فاستقبلهما رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وأبو بكر رضي اللَّه عنه وهما هابطان عن الخيل، قالا:

ما لكم؟ قالتا: الصابيء بين الكعبة وأستارها، قالا: ما قال لكما؟ قالتا: إنه قال كلمة تملأ الفم، قال: فجاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلّى فلما قضى صلاته

قال أبو ذرّ: وكنت أنا أول من حيّاه بتحية الإسلام، فقلت: السلام عليك يا رسول اللَّه، فقال: وعليك ورحمة اللَّه، ثم قال: من أنت؟ قال: قلت: أنا من غفار، قال: فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته، فقلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار، فذهبت آخذ بيده فقد عني صاحبه- وكان أعلم به مني- ثم رفع رأسه فقال: متى كنت هاهنا؟ قال:

[قلت] : كنت هاهنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم، قال: فمن كان يطعمك؟ قال:

قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما أجد على كبدي سخفة جوع، قال: إنها مباركة، إنها طعام طعم، فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه: ائذن لي في طعامه الليلة، فانطلق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وأبو بكر، فانطلقت معهما، ففتح أبو بكر بابا فجعل يفيض لنا من زبيب الطائف، وكان ذلك أول طعام أكلته بها، ثم غبرت ما غبرت، ثم أتيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فقال: إنه قد وجّهت إلي أرض ذات نخل لا أراها إلا يثرب، فهل أنت مبلغ عني قومك؟ عسى اللَّه أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم، فأتيت أنيسا فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت


[ (١) ] إضحيان بكسر الهمزة والحاء: مضيئة، ويقال: ليلة أضحيان، وأضحيانة، وضحياء، ويوم ضحيان.
[ (٢) ] أسمختهم: جمع سماخ، وهو الخرق الّذي في الأذن يفضي إلى الرأس، يقال: صماخ وسماخ، وبالصاد أفصح، والمراد بأصمختهم هنا آذانهم أي ناموا، قال تعالى: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ [الكهف: ١١] أي أنمناهم.
[ (٣) ] ما تناهتا: ما انتهتا.
[ (٤) ] كناية عن الفرج والذكر، وأراد بذلك سب إساف ونائلة، وغيظ الكفار بذلك.
[ (٥) ] ما بين الحاصرتين سياقه مضطرب في (خ) ، وصوبناه من (صحيح مسلم) .