للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب، فقال: ما حال بيننا وبين خبر السماء إلا من [شيء] [ (١) ] حدث، فاضربوا مشارق الأرض، ومغاربها، فانظروا ما هذا الّذي حال بينكم وبين خبر السماء، قال: فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها يبتغون ما هذا الّذي حال بينهم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وهو بنخلة، عامدا إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الصبح، فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا واللَّه الّذي حال بينكم وبين خبر السماء، قال: فهنا لك رجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً، فأنزل اللَّه على نبيه:

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ [ (٢) ] ، [وإنما أوحي إليه قول الجن] [ (٣) ] . هذه سياقة الترمذي، وقال: حسن صحيح. قال البيهقي: فقد ذكرنا أن ذلك في أول ما علموا به.

وأما قولهم حيل بيننا وبين خبر السماء، فإنما أرادوا بما زيد في الحرّاس والشهب، واستدل لذلك بحديث يونس بن بكير، عن يونس بن عمرو عن أبيه، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إنّ الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء فيستمعون الكلمة من الوحي فيهبطون بها إلى الأرض، فيزيدون معها تسعا، فيجد أهل الأرض تلك الكلمة حقا والتسع باطلا، فلم يزالوا بذلك حتى بعث اللَّه


[ (١) ] زيادة للسياق من (جامع الأصول) .
[ (٢) ] الجن: ١- ٢.
[ (٣) ] قال الحافظ: هذه الزيادة من كلام ابن عباس، كأنه يقرر فيه ما ذهب إليه أولا: أنه صلّى اللَّه عليه وسلم لم يجتمع بهم، وإنما أوحى اللَّه إليه بأنهم استمعوا، ومثله قوله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا [الأحقاف: ٤٩] ، ولكن لا يلزم من عدم ذكر اجتماعه بهم حين استمعوا، أن لا يكون اجتمع بهم بعد ذلك.
وهذا الحديث أخرجه البخاري في تفسير سورة الجن، وفي صفة الصلاة، باب الجهر بقراءة صلاة الفجر، ومسلم في الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح والترمذي في التفسير، باب: ومن سورة الجن، والبيهقي في (دلائل النبوة) : ٢/ ٢٢٥- ٢٢٦، ٢٣٩، والإمام أحمد في (المسند) : ١/ ٤١٧، حديث رقم (٢٢٧١) ، من مسند عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه تعالى عنه.