للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وقف وقفة فقال برأسه هكذا- وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا- ثم أقبل، فلما انتهى إليّ قال: يا جابر، هل رأيت مقامي؟ قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك، قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقت فقلت: قد فعلت يا رسول اللَّه نعم ذاك، قال: إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرفّه عنهما ما دام الغصنان رطبين [ (١) ] .

وذكر الحديث.

وخرج البيهقي وغيره من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه، أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم كان بالحجون وهو كئيب [حزين] [ (٢) ] لما آذاه المشركون، فقال: اللَّهمّ أرني اليوم آية لا أبالي من كذبني بعدها، قال: فأمر فنادى شجرة من قبل عقبه أهل المدينة، فأقبلت تخد الأرض حتى انتهت إليه [فسلمت عليه] [ (٣) ] ، قال: ثم أمرها فرجعت إلى موضعها، فقال: ما أبالي من كذبني بعد هذا من قومي [ (٤) ] .

وفي رواية: فنادى شجرة من جانب الوادي فأقبلت تخد الأرض خدا حتى وقفت بين يديه [ (٥) ] .


[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٨/ ٣٥١- ٣٥٢، كتاب الزهد والرقاق، باب (١٨) حديث جابر الطويل، وقصة أبي اليسر، (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : ١/ ١٩٦- ١٩٧، (دلائل أبي نعيم) : ٢/ ٣٩٢، حديث رقم (٢٩٦) .
[ (٢) ] في (خ) : «كان على الحجون كثيبا، وما أثبتناه من رواية أبي نعيم في (دلائل النبوة) .
[ (٣) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
[ (٤) ] (دلائل أبي نعيم) : ٢/ ٣٨٩- ٣٩٠، حديث رقم (٢٩٠) ، (الخصائص الكبرى) :
١/ ٣٠٢، والحجون: موضع بأعلى مكة، (دلائل البيهقي) : ٦/ ١٣.
[ (٥) ] (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : ١/ ١٩٨.