للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية ثم قال: يا جابر، خذ واقض، فوقف في الجذاذ، فجذذت منها ما قضيته وفضل منه، فخرجت حتى جئت النبي صلّى اللَّه عليه وسلم فبشرته فقال: أشهد أني رسول اللَّه [ (١) ] .

قال أبو عبد اللَّه: عرش وعريش: بناء، وقال ابن عباس: معروشات ما يعرش من الكروم وغير ذلك، ويقال: عروشها: أبنيتها، وقال أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف: [قد وقع] [ (٢) ] في هذا الحديث إشكال في لفظه ومعناه، أما المعنى:

فلأن جابر لم يداين أولئك اليهود، وإنما كان أبوه مات وترك الدين عليه، وهي قضية مشهورة.

وخرج البيهقي من حديث محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكيم قال: أخبرنا عروة عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد اللَّه أنه أخبره أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقا لرجل من اليهود، فاستنظره جابر فأبى أن ينظره، فكلم جابر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم [ليشفع إليه، فجاءه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم] [ (٢) ] فكلم اليهودي ليأخذ تمر نخله بالذي له فأبى، فدخل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فمشى فيها ثم قال: يا جابر، جذّ له فأوفه الّذي له، فجذّ بعد ما رجع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فأوفاه ثلاثين وسقا وفضلت له سبعة عشرة وسقا.

فجاء جابر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ليخبره بالذي فعل، فوجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يصلي العصر، فلما انصرف [رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم] [ (٢) ] جاءه فأخبره أنه قد وفّاه، وأخبره بالفضل الّذي فضل له، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: أخبر ذلك ابن الخطاب، فذهب جابر إلى عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه فأخبره، فقال عمر: لقد علمت حين مشى فيها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ليباركن اللَّه عزّ وجلّ فيها [ (٣) ] .

قال البيهقي: رواه البخاري في الصحيح عن إبراهيم بن المنذر، عن أنس بن


[ (١) ] (فتح الباري) : ٩/ ٧٠٦- ٧٠٧، كتاب الأطعمة، باب (٤١) الرطب والتمر، وقول اللَّه تعالى:
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا، حديث رقم (٥٤٤٣) .
[ (٢) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .
[ (٣) ] (دلائل البيهقي) : ٦/ ١٥٠، باب دعاء النبي صلّى اللَّه عليه وسلم في التمر الموروث عن عبد اللَّه بن عمرو بن حرام رضي اللَّه عنه حتى قضى منه دينه وكأنه لم ينقص منه شيء، وما ظهر في ذلك من آثار النبوة.