فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: يا ضب، فتكلم الضب بلسان عربي مبين يفهمه القوم جميعا: لبيك وسعديك يا رسول رب العالمين! فقال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ومن تعبد يا ضبّ؟ قال: اللَّه الّذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي البحر سبيله، وفي الجنة رحمته، وفي النار عذابه.
قال: فمن أنا يا ضبّ؟ قال: أنت رسول رب العالمين، وخاتم المرسلين، قد أفلح من صدقك وقد خاب من كذبك، فقال الأعرابي: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنك رسول اللَّه حقا، واللَّه لقد أتيتك وما على وجه الأرض أحد هو أبغض إليّ منك، [و] واللَّه لأنت الساعة أحب إليّ من نفسي ومن ولدي، وقد آمنت بشعري وبشري، وداخلي وخارجي، وسرّي وعلانيتي.
فقال له النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: الحمد للَّه الّذي هداك إلى هذا الدين، الّذي يعلو ولا يعلى، لا يقبله اللَّه إلا بالصلاة، ولا تقبل الصلاة إلا بالقرآن، فعلمه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الحمد، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فقال: يا رسول اللَّه! ما سمعت في البسيط ولا في الرّجز أحسن من هذا، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن هذا كلام رب العالمين وليس بشعر، فإذا قرأت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فكأنما قرأت ثلث القرآن، وإذا قرأت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مرتين، فكأنما قرأت ثلثي القرآن، وإذا قرأت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثلاث مرات فكأنما قرأت القرآن كله.
فقال الأعرابي: نعم الإله إلهنا، يقبل اليسير ويعطي الجزيل، ثم قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: أعطوا الأعرابي، فأعطوه حتى أبطروه.
فقام عبد الرحمن بن عوف فقال: يا رسول اللَّه، إني أريد أن أعطيه ناقة أتقرب بها إلى اللَّه عز وجل، دون البختي [ (١) ] وفوق العربيّ، وهي عشراء تلحق ولا تلحق أهديت لي.
فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: قد وصفت ما تعطي، أفأصف لك ما يعطيك اللَّه عزّ وجل جزاء؟ قال: نعم، فقال: لك ناقة من درة جوفاء، قوائمها من الزبرجد
[ (١) ] البختيّ: جمعها بخاتي: وهي الإبل الخراسانية، وفي رواية البيهقي: وفوق الأعرى.