للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ابن الحضرميّ، فقال: إن هذه الأرض تلفظ الموتى، فلو نقلتموه إلى ميل أو ميلين إلى أرض تقبل الموتى، فقلنا: ما جزاء صاحبنا أن نعرضه للسباع تأكله؟ قال:

فاجتمعنا على نبشه، فلما وصلنا إلى اللحد إذا صاحبنا ليس فيه. وإذا اللحد مدّ البصر نورا [ (١) ] يتلألأ، فأعدنا التراب إلى القبر ثم ارتحلنا.

قال البيهقي: وقد روى عن أبى هريرة في قصة العلاء بن الحضرميّ واستسقائه ومشيهم على الماء، دون قصة الموت بنحو من هذا، وقال في الدعاء: يا عليم يا حليم يا عظيم يا على، إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك، فاسقنا غيثا نشرب منه ونتوضأ، وإذا تركناه فلا تجعل لأحد فيه نصيبا غيرنا. وقال في البحر: فاجعل لنا سبيلا إلى عدوك. وقال في الموت: أخف جثتي ولا تطلع على عورتي أحد فلم يقدر عليه [ (٢) ] .

وخرج أيضا من حديث ابن نمير عن الأعمش، عن بعض أصحابه قال: انتهينا إلى دجلة، وهي مادّة والأعاجم خلفها، فقال رجل من المسلمين: بسم اللَّه، ثم اقتحم فرسه فاندفع على الماء، فقال الناس: بسم اللَّه، ثم اقتحموا فارتفعوا على الماء، فلما ظهر إليهم الأعاجم قالوا: ديوان ديوان، ثم ذهبوا على وجوههم، فما فقدوا إلا قدحا كان معلقا بعذبة سرج، فلما خرجوا أصابوا الغنائم فاقتسموها، فجعل الرجل يقول: من يبادل صفراء بيضاء؟ [ (٣) ] .


[ (١) ] كذا في (خ) ، وفي المرجع السابق «نور» ، وما أثبتناه أجود للسياق فهو حق اللغة.
[ (٢) ] (دلائل البيهقي) : ٦/ ٥٣.
[ (٣) ] (المرجع السابق) : ٦/ ٥٣- ٥٤، ثم قال البيهقي: قلت: كل هذا يرجع إلى إكرام اللَّه تعالى نبيه وإعزازه دينه الّذي بعث به رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وتصديقه ما وعده من إظهاره وإظهار شريعته.
وعن البيهقي ذكر ابن كثير قصة العلاء بن الحضرميّ في (البداية والنهاية) : ٦/ ١٧١- ١٧٢، وذكرها أبو نعيم في (الحلية) : ١/ ٨٠٧، وذكر أيضا في (دلائل النبوة) : ٢/ ٥٧٣، الفصل التاسع والعشرون: ما جرى على يدي أصحابه صلّى اللَّه عليه وسلّم بعده، كعبور العلاء بن الحضرميّ وجيش سعد على البحر، وما جرى على يد خالد في أيام أبى بكر، ونوحة الجن، وغيره، حديث رقم (٥٢١) .
قال محققا (دلائل النبوة لأبى نعيم) :
هذا الفصل يتحدث لنا عن الأمور الخارقة لقوانين الطبيعة التي حصلت لبعض أصحاب نبينا محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد وفاته، والخوارق على خمسة أنواع:
أ- فإن ظهرت لرسول قبل بعثته سميت إرهاصا، أي تأسيسا للرسالة.