ولما قال النووي: في هذا الحديث جواز رؤية آحاد الأمة للملائكة، كذا أطلق، وهو صحيح، لكن الّذي يظهر التقييد بالصالح مثلا، والحسن الصوت، قال: وفيه فضيلة القراءة، وأنها سبب نزول الرحمة، وحضور الملائكة، فقال الحافظ في (الفتح) : الحكم المذكور أعم من الدليل، فالذي في الرواية إنما نشأ عن قراءة خاصة، من سورة خاصة، بصفة خاصة، ويحتمل من الخصوصية ما لم يذكر، وإلا لو كان على الإطلاق لحصل ذلك لكل قارئ. وقد أشار في آخر الحديث بقوله: «ما يتوارى منهم» ، إلى أن الملائكة لاستغراقهم في الاستماع كانوا يستمرون على عدم الاختفاء الّذي هو من شأنهم، وفيه منقبة لأسيد بن حضير، وفضل قراءة سورة البقرة في صلاة الليل، وفضل الخشوع في الصلاة، وأن التشاغل بشيء من أمور الدنيا ولو كان من المباح قد يفوّت الخير الكثير، فكيف لو كان بغير الأمر المباح؟. [ (١) ] أما عن قول المقريزي رحمه اللَّه: [ذكره غير متصل الإسناد] ، فقد قال الحافظ في الفتح: «عن محمد بن إبراهيم» ، هو التميمي، وهو من صغار التابعين، ولم يدرك أسيد بن حضير، فروايته عنه منقطعة، لكن الاعتماد في وصل الحديث المذكور على الإسناد الثاني. قال الإسماعيلي: محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير مرسل، وعبد اللَّه بن خباب عن أبي سعيد متصل، ثم ساقه عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه، عن يزيد بن الهاد بالإسنادين جميعا وقال: هذه الطريق على شرط البخاري. (فتح الباري) : ٩/ ٧٧- ٧٨. [ (٢) ] زيادة يقتضيها السياق من (صحيح مسلم) .