للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه باب نزول السكينة والملائكة عند القراءة [ (١) ] .

وخرج مسلم من حديث يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا أبي حدثنا يزيد بن الهاد، أن عبد اللَّه بن خبّاب حدثه أن أبا سعيد الخدريّ حدثه أن أسيد بن حضير بينما هو ليلة يقرأ في مربده، إذ جالت فرسه، فقرأ، ثم جالت أخرى [ثم جالت أيضا] [ (٢) ] ، قال أسيد: فخشيت أن تطأ يحيى، فقمت إليها فإذا مثل الظلة فوق رأسي فيها أمثال السّرج عرجت في الجوّ حتى ما أراها.

قال: فغدوت على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقلت: يا رسول اللَّه! بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: اقرأ ابن حضير، قال: فقرأت ثم جالت أيضا، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: اقرأ ابن حضير، قال: فانصرفت- وكان يحيى قريبا منها خشيت أن تطأه- فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السّرج، عرجت في الجوّ حتى ما أراها، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: تلك الملائكة


[ () ] محافظة أسيد على خشوعه في صلاته، لأنه كان يمكنه أول ما جالت الفرس أن يرفع رأسه، وكان كان بلغه حديث النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم عن رفع المصلى رأسه إلى السماء، فلم يرفعه حتى اشتد به الخطب، ويحتمل أن يكون رفع رأسه بعد انقضاء صلاته، فلهذا تمادي به الحال ثلاث مرات (المرجع السابق) .
ولما قال النووي: في هذا الحديث جواز رؤية آحاد الأمة للملائكة، كذا أطلق، وهو صحيح، لكن الّذي يظهر التقييد بالصالح مثلا، والحسن الصوت، قال: وفيه فضيلة القراءة، وأنها سبب نزول الرحمة، وحضور الملائكة، فقال الحافظ في (الفتح) : الحكم المذكور أعم من الدليل، فالذي في الرواية إنما نشأ عن قراءة خاصة، من سورة خاصة، بصفة خاصة، ويحتمل من الخصوصية ما لم يذكر، وإلا لو كان على الإطلاق لحصل ذلك لكل قارئ.
وقد أشار في آخر الحديث بقوله: «ما يتوارى منهم» ، إلى أن الملائكة لاستغراقهم في الاستماع كانوا يستمرون على عدم الاختفاء الّذي هو من شأنهم، وفيه منقبة لأسيد بن حضير، وفضل قراءة سورة البقرة في صلاة الليل، وفضل الخشوع في الصلاة، وأن التشاغل بشيء من أمور الدنيا ولو كان من المباح قد يفوّت الخير الكثير، فكيف لو كان بغير الأمر المباح؟.
[ (١) ] أما عن قول المقريزي رحمه اللَّه: [ذكره غير متصل الإسناد] ، فقد قال الحافظ في الفتح: «عن محمد بن إبراهيم» ، هو التميمي، وهو من صغار التابعين، ولم يدرك أسيد بن حضير، فروايته عنه منقطعة، لكن الاعتماد في وصل الحديث المذكور على الإسناد الثاني.
قال الإسماعيلي: محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير مرسل، وعبد اللَّه بن خباب عن أبي سعيد متصل، ثم ساقه عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه، عن يزيد بن الهاد بالإسنادين جميعا وقال:
هذه الطريق على شرط البخاري. (فتح الباري) : ٩/ ٧٧- ٧٨.
[ (٢) ] زيادة يقتضيها السياق من (صحيح مسلم) .