للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: إن السرّ في موت ولد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في حياته، أنه لو عاش [لكان نبيا، ولم يكن ليبقى لأن نبيكم آخر الأنبياء] [ (١) ] .

وقد أشار حسان بن ثابت إلى هذا في قوله لما مات إبراهيم:

مضى ابنك محمود العواقب لم يشن ... بعيب ولم يأثم بقول أو فعل

رأى أنه لو عاش ساواك في العلا ... فآثر أن تبقى فريدا بلا مثل [ (٢) ]

وقد جاء في حديث أن إبراهيم لو عاش لكان نبيا، وليس بقوي. وفي صحيح البخاري عن السدي قال: سألت أنس بن مالك كم كان بلغ إبراهيم ابن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم؟ قال: قد كان بلا مهلة، ولو بقي لكان نبيا، ولكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم آخر الأنبياء.

وقد روى عيسى بن يونس عن أبي خالد قال: قلت: لا تراني أوفى، أرأيت إبراهيم ابن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، قال: مات وهو صغير، ولو قرأت يكون بعد محمد نبي لعاش، ولكنه لا نبي بعد محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم [ (٣) ] .


[ (١) ] ما بين الحاصرتين سياقة مضطرب في (خ) ، وقد استدركناه من كتب السيرة والتراجم.
[ (٢) ] لم أجدهما في (ديوان حسان بن ثابت) .
[ (٣) ] قوله: «لو عاش إبراهيم لكان نبيا» ، ورد عن ثلاثة من الصحابة، لكن قال النووي في (التهذيب) ، في ترجمة إبراهيم: وأما ما روى عن بعض المتقدمين: «لو عاش إبراهيم لكان نبيا» ، فباطل، وجسارة على الكلام على المغيبات، ومجازفة، وهجوم على عظيم.
ونحوه قول ابن عبد البر في (التمهيد) : لا أدري ما هذا! فقد ولد نوح عليه السلام غير نبيّ، ولو لم يلد النبي إلا نبيا، لكان كل أحد نبيا، لأنهم من ولد نوح.
لكن قال الحافظ ابن حجر: ولا يلزم من الحديث المذكور ما ذكره لما يخفى، وكان ابن عبد البر سلف النووي. وقال أيضا: إنه عجيب مع وروده عن ثلاثة من الصحابة، وكأنه لم يظهر له وجه تأويله، فقال في إنكاره ما قال.
وجوابه: أن القضية الشرطية لا تستلزم الوقوع، ولا يظن بالصحابي الهجوم على مثل هذا الظن.
واعترض الجواب المذكور القاري بأنه بعيد جدا.
وقال ابن حجر المكيّ في (الفتاوى الحديثية) : قال السيوطي: صحّ
عن أنس أنه سأل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم