فقتل يوم المريسيع كافرا، فصارت جويرية في سهم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري، وابن عم له، فكاتباها على تسع أواقي ذهب. وكانت جارية حلوة، لا يكاد يراها أحد إلا ذهبت بنفسه، فبينا النبي صلّى اللَّه عليه وسلم على الماء، إذا دخلت عليه تسأله في كتابتها، فقالت: يا رسول اللَّه، إني امرأة مسلمة، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنك رسول اللَّه،
وأنا جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار، بنت سيد قومه، أصابنا من الأمر ما قد علمت، ووقعت في سهم ثابت بن قيس ابن شماس وابن عم له، فخلصني من ابن عمه بنخلات بالمدينة، وكاتبني على ما لا طاقة لي به ولا يدان، وما أكرهنى على ذلك إلا أنى رجوتك- صلّى اللَّه عليك- فأعنى في مكاتبتي، فقال: أوخير لك من ذلك؟ قالت: فما هو يا رسول اللَّه؟ قال:
أؤدّي عنك كتابتك وأتزوجك، قالت: نعم يا رسول اللَّه قد فعلت، فأرسل إلى ثابت فطلبها منه، فقال: هي لك يا رسول اللَّه، بأبي وأمى، فأدى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ما كان عليها من كتابتها وأعتقها وتزوجها،
وخرج الخبر إلى الناس، ورجال بنى المصطلق قد اقتسموا وملكوا ووطئ ونساؤهم، فقال المسلمون: أصهار النبي صلّى اللَّه عليه وسلم! فأعتقوا ما بأيديهم من ذلك السبي، وهم مائة أهل بيت، فكانت جويرية أعظم امرأة بركة على قومها.
وقالت جويرية: رأيت قبل قدوم النبي صلّى اللَّه عليه وسلم بثلاث ليال كأنّ القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجري، فكرهت أن أخبرها أحدا من الناس، حتى قدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.
ويقال: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم جعل صداقها عتق كل أسبية من بنى المصطلق، ويقال: جعل صداقها عتق أربعين من قومها، وقيل: افتدى جويرية، أبوها من ثابت بن قيس، ثم خطبها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلى أبيها، فأنكحها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، وكان اسمها برة، فسماها جويرية، وكان يكره أن يقال: خرج من بيت برة.