وأخرج في كتاب الأشربة، باب (٣٠) الشرب من قدح النبي صلّى اللَّه عليه وسلم وآنيته، حديث رقم (٥٦٣٧) : حدثنا سعيد بن أبى مريم، حدثنا أبو غسان قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد رضى اللَّه عنه قال: ذكر للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم امرأة من العرب، فأمر أبا أسيد الساعدي أن يرسل إليها، فأرسل إليها، فقدمت فنزلت في أجم بنى ساعدة، فخرج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم حتى جاءها فدخل عليها، فإذا امرأة منكسة رأسها، فلما كلمها النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قالت: أعوذ باللَّه منك! فقال: قد أعذتك منى، فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ قالت: لا، قالوا: هذا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم جاء ليخطبك، قالت: كنت أنا أشقى من ذلك. فأقبل النبي صلّى اللَّه عليه وسلم يومئذ. حتى جلس في سقيفة بنى ساعدة هو وأصحابه...... قال الحافظ في (الفتح) : ووقع في كتاب (الصحابة) لأبى نعيم، من طريق عبيد بن القاسم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن عمرة بنت الجون تعوذت من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حين أدخلت عليه، قال: لقد عذت بمعاذ ... الحديث، وعبيد متروك. والصحيح أن اسمها أميمة بنت النعمان بن شراحبيل، كما في حديث أبى أسيد، وقال مرة: أميمة بنت شراحبيل، فنسبت لجدها، وقيل: اسمها أسماء كما سأبينه في حديث أبى أسيد مع شرحه مستوفى. وروى ابن سعد عن الواقدي، عن ابن أخى الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: تزوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم الكلابية ... فذكر مثل حديث الباب. وقوله: الكلابية غلط، وإنما هي الكندية، فكأنما الكلمة تصحفت. نعم، للكلابية قصة أخرى، ذكرها ابن سعد أيضا بهذا السند إلى الزهري وقال: اسمها فاطمة بنت الضحاك بن سفيان، فاستعاذت منه فطلقها، فكانت تلقط البعر وتقول: أنا الشقية، قال: وتوفيت سنة ستين. ومن طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن الكندية لما وقع التخيير اختارت قومها، ففارقها، فكانت تقول: أنا الشقية. ومن طريق سعيد بن أبى هند أنها استعاذت منه فأعاذها، ومن طريق الكلبي اسمها العالية بنت ظبيان بن عمرو. وحكى ابن سعد أيضا أن اسمها عمرة بنت يزيد بن عبيد، وقيل: بنت يزيد بن الجون. وأشار ابن سعد إلى أنها واحدة اختلف في اسمها، والصحيح أن التي استعاذت منه هي الجونية، وروى ابن سعد من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: لم تستعذ منه امرأة غيرها. قلت: وهو الّذي يغلب عليه الظن، لأن ذلك إنما وقع للمستعيذة بالخديعة المذكورة، فيبعد أن تخدع أخرى بمثل ما خدعت به، بعد شيوع الخبر بذلك. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم تزوج الجونية، واختلفوا في سبب فراقه، فقال قتادة: لما دخل عليها دعاها فقالت: تعال أنت. فطلقها، وقيل: كان بها وضح كالعامرية. قال: