وفي رواية: أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم خطب أم هاني بنت أبى طالب، فقالت: يا رسول اللَّه! إني قد كبرت ولى عيال، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: خير نساء ركبن الإبل، وفي رواية: خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش.. (جامع الأصول) : ٩/ ٢١٠- ٢١١. قول أبى هريرة: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط، فكأنه أراد إخراج مريم من هذا التفضيل، لأنها لم تركب بعيرا قط، فلا يكون فيه تفضيل نساء قريش عليها، ولا يشك لمريم فضلا، وأنها أفضل من جميع نساء قريش، إن ثبت أنها نبية، أو من أكثرهن إن لم تكن نبية. ويحتمل أن لا يحتاج في إخراج مريم من هذا التفضيل إلى الاستنباط من قوله: ركبن الإبل، لأن تفضيل الجملة لا يستلزم ثبوت كل فرد منها، لأن قوله: ركبن الإبل، إشارة إلى العرب لأنهم الذين يكثر منهم ركوب الإبل، وقد عرف أن العرب خير من غيرهم مطلقا في الجملة فيستفاد منه تفضيلهن مطلقا على نساء غيرهن مطلقا. ويمكن أن يقال أيضا: إن الظاهر أن الحديث سيق في معرض الترغيب في نكاح القرشيات، فليس فيه التعرض لمريم ولا لغيرها ممن انقضى زمنهن. قوله: صالح نساء قريش، كذا للأكثر بالإفراد، وفي رواية، غير الكشمهيني: صلح، بضم أوله وتشديد اللام بصيغة الجمع، فالمحكوم له بالخيرية الصالحات من نساء قريش، لا على العموم، والمراد بالصلاح هنا صلاح الدين، وحسن المخالطة مع الزوج ونحو ذلك. قوله: أحناه، بسكون المهملة بعدها نون: أكثره شفقة، والحانية على ولدها هي التي تقوم عليهم في حال يتمهم، فلا تتزوج، فإن تزوجت فليست بحانية. قاله الهروي. وجاء الضمير مذكرا، وكان القياس أحناهن، وكأنه ذكر باعتبار اللفظ والجنس أو الشخص أو الإنسان. وجاء نحو ذلك في حديث أنس: كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا، بالإفراد في الثاني. وحديث ابن عباس في قول أبى سفيان: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة، بالإفراد في الثاني أيضا. قال أبو حاتم السجستاني: لا يكادون يتكلمون به إلا مفردا. قوله: على ولده، في رواية الكشمهيني: على ولد، بلا ضمير وهو أوجه، ووقع في رواية لمسلم: على يتيم، وفي أخرى: على طفل، والتقييد باليتيم والصغر يحتمل أن يكون معتبرا من ذكر بعض أفراد العموم، لأن صفة الحنو على الولد ثابتة لها لكن ذكرت الحالتان لكونهما أظهر في ذلك. قوله: وأرعاه على زوج، أي أحفظ وأصون لما لها بالأمانة فيه والصيانة له، وترك التبذير في الإنفاق. قوله: في ذات يده، أي في ماله المضاف إليه، ومنه قولهم: فلان قليل ذات اليد أي قليل المال، وفي الحديث الحث على نكاح الأشراف خصوصا القرشيات، ومقتضاه أنه كلما كان نسبها أعلى تأكد الاستحباب.