للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اختلف في الحجاب، فذكر أبو الحسن المدائني في كتاب (النساء اللاتي لم يكن مستترات) : حدثنا ابن مجاهد عن ابن إسحاق قال: كنّ نساء الجاهلية لا يستترن، فقالت هند بنت عتبة لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: بأبي أنت وأمى، ما أكرم هذا الدين لولا خصال فيه، قال: ما هي؟ قالت:

منهن هذا القناع، فلا نعرف ذعرا من [فزع] ، قال: لا بدّ من التستر.

وكان في الإسلام يقصد الرجل امرأته فيدخل عليها الداخل فلا تقف المرأة ويقعد الرجل امرأته للرجل (انتهى) .

وعن مجاهد عن ابن عباس رضى اللَّه عنه قال: أكل عمر رضى اللَّه عنه مع النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، فأصابت يده بعض نسائه فأمر بالحجاب.

قال الواقدي: ونزل الحجاب في ذي القعدة سنة خمس، وقوم يقولون نزل بمكة في حجة الوداع [ (١) ] .


[ () ] قال أبو حاتم رضى اللَّه تعالى عنه: في خبر هشام الدستوائى عن قتادة: «وله يومئذ تسع نسوة» .
أما خبر هشام، فإن أنسا حكى ذلك الفعل منه صلّى اللَّه عليه وسلم في أول قدومه المدينة، حيث كانت تحته إحدى عشرة امرأة، وخبر سعيد عن قتادة إنما حكاه أنس في آخر قدومه المدينة صلّى اللَّه عليه وسلم، حيث كانت تحته تسع نسوة، لأن هذا الفعل كان منه صلّى اللَّه عليه وسلم مرارا كثيرة، لا مرة واحدة، (الإحسان) : ٤/ ١٠- ١١، كتاب الطهارة، باب (٧) أحكام الجنب، حديث رقم (١٢٠٩) ، (المواهب اللدنية) : ٢/ ٤٧٩، باب قوته صلّى اللَّه عليه وسلم في النكاح، ثم قال القسطلاني: ونبينا محمد صلّى اللَّه عليه وسلم لما خيّر بين أن يكون نبيا ملكا أبى ذلك، واختار أن يكون نبيا عبدا، فأعطى من الخصوصية ذلك القدر لكونه صلّى اللَّه عليه وسلم اختار الفقر والعبوديّة، فأعطى الزائد لخرق العادة في النوع الّذي اختار، وهو الفقر والعبوديّة، فكان صلّى اللَّه عليه وسلم يربط على بطنه الأحجار من شدة الجوع والمجاهدة، وهو على حاله في الجماع، لم ينقصه شيئا، والناس أبداً إذا أخذهم الجوع والمجاهدة لا يستطيعون ذلك، فهو أبلغ في المعجزة. قاله في (بهجة النفوس) .
واللَّه تعالى أعلم. (المرجع السابق) : ٤٨٥.
[ (١) ] قوله تعالى: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ عطف على جملة لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ فهي زيادة بيان للنهى عن دخول البيوت النبويّة، وتحديد لمقدار الضرورة التي أدّت إلى دخولها أو الوقوف بأبوابها، وهذه الآية شارعة حكم حجاب أمهات المؤمنين، وقد قيل: إنها نزلت في ذي القعدة سنة خمس. (تفسير التحرير والتنوير) : ٤/ ٩٠.