فخرج يزيد بن أبى سفيان، فجمع بنى عبد مناف، وأبو سفيان بذي المجاز، فقال الناس: أخفر أبو سفيان في صهره، فهو ثائر به. فلما سمع أبو سفيان بالذي صنع ابنه يزيد- وكان أبو سفيان رجلا حليما منكرا يحب قومه حبا شديدا- انحط سريعا إلى مكة، وخسى أن يكون بين قريش حدث في أبى أزيهر، فأتى ابنه، وهو في الحديد، في قومه من بنى عبد مناف والمطيبين، فأخذ الرمح من يده، ثم ضرب به على رأسه ضربة هدّه منها، ثم قال له: قبحك اللَّه! أتريد أن تضرب قريشا بعضهم ببعض في رجل من دوس؟ سنؤتيهم العقل إن قبلوه، وأطفئ لك الأمر. فانبعث حسان بن ثابت يحرض في دم أبى أزيهر، ويعيّر أبا سفيان خفرته وبجنبه، فقال في ذلك شعرا، فلما بلغ أبا سفيان قول حسان قال: يريد حسان أن يضرب بعضنا ببعض في رجل من دوس، بئس واللَّه ما ظن. ولما أسلم أهل الطائف كلّم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خالد بن الوليد في ربا الوليد الّذي كان في ثقيف، لما كان أبوه أوصاه به. قال ابن إسحاق: فذكر لي بعض أهل العلم أن هؤلاء الآيات من تحريم ما بقي من الربا بأيدي الناس، نزلن في ذلك من طلب خالد الربا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: ٢٧٨] إلى آخر القصة فيها. ولم يكن في أبى أزيهر ثأر نعلمه، حتى حجز الإسلام، إلا أن ضرار بن الخطاب بن مرداس الفهري، خرج في نفر من قريش إلى أرض دوس، فنزلوا على امرأة يقال لها أم غيلان مولاة لدوس، وكانت تمشط النساء وتجهز العرائس، فأرادت دوس قتلهم بأبي أزيهر، فقامت دونهم أم غيلان ونسوة معها حتى منعتهم، فقال ضرار بن الخطاب في ذلك شعرا. قال ابن هشام: حدثني أبو عبيدة: أن التي قامت دون ضرار أمّ جميل، ويقال: أم غيلان، قال: ويجوز أن تكون أم غيلان قامت مع أم جميل فيمن قام دونه. فلما قام عمر بن الخطاب أتته أم جميل، وهي ترى أنه أخوه، فلما انتسبت له عرف القصة فقال: إني لست بأخيه إلا في الإسلام، وهو غاز وقد عرفت منّتك عليه، فأعطاها على أنها ابنة سبيل. قال الراويّ: قال ابن هشام: وكان ضرار لحق عمر بن الخطاب يوم أحد، فجعل يضربه بعرض الرمح ويقول: أنج يا ابن الخطاب لا أقتلك، فكان عمر يعرفها له بعد إسلامه. (سيرة ابن هشام) : ٢/ ٢٥٨- ٢٦٣. وقد ذكر ابن هشام ما قاله كل من عبد اللَّه بن أبى أمية بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم