«الاستلقاء» هو الاضطجاع على القفا، سواء كان معه نوم أم لا، وقد تقدمت هذه الترجمة وحديثها في آخر كتاب اللباس، قبيل كتاب الأدب، وتقدم بيان الحكم في أبواب المساجد من كتاب الصلاة، وذكرت هناك قول من زعم أن النهى عن ذلك منسوخ، وأن الجمع أولى، وأن محل النهى حيث تبدو العورة، والجواز حيث لا تبدو، وهو جواب الخطابي ومن تبعه، ونقلت قول من ضعّف الحديث الوارد في ذلك، وزعم أنه لم يخرج في الصحيح. وأوردت عليه بأنه غفل عما في كتاب اللباس من الصحيح، والمراد بذلك صحيح مسلم، وسبق القلم هناك فكتبت صحيح البخاري، وقد أصلحته في أصلى، ولحديث عبد اللَّه بن زيد في الباب شاهد من حديث أبى هريرة، صححه ابن حبان (المرجع السابق) . (مسلم بشرح النووي) : ١٤/ ٣٢٣، كتاب اللباس والزينة، باب (٢٢) في إباحة الاستلقاء، ووضع إحدى الرجلين على الأخرى، حديث رقم (٢١٠٠) - قال الإمام النووي: قال العلماء: أحاديث النهى عن الاستلقاء رافعا إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حالة تظهر فيها العورة أو شيء منها، وأما فعله صلى اللَّه عليه وسلم فكان على وجه لا يظهر منها شيء، وهذا لا بأس به ولا كراهة فيه على هذه الصفة. وفي هذا الحديث جواز الاتكاء في المسجد والاستلقاء فيه. قال القاضي: لعله صلى اللَّه عليه وسلم فعل هذا لضرورة أو حاجة من تعب، أو طلب راحة أو نحو ذلك. قال: وإلا فقد علم أن جلوسه صلى اللَّه عليه وسلم في المجامع على خلاف هذا، بل كان يجلس مرتبعا، أو محتبيا، وهو كان أكثر جلوسه، أو القرفصاء، أو مقعيا، وشبهها من جلسات الوقار، والتواضع. قلت: ويحتمل أنه صلى اللَّه عليه وسلم فعله لبيان الجواز، وأنكم إذا أردتم الاستلقاء فليكن هكذا، وأن النهى الّذي نهيتكم عن الاستلقاء ليس هو على الإطلاق، بل المراد به من ينكشف شيء من عورته أو يقارب انكشافها، واللَّه تعالى أعلم (مسلم بشرح النووي) : ١٤/ ٣٢٢- ٣٢٣.