للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الحديث على أنه قد أودعه كثير من المصنّفين كتبهم [ (١) ] ، وقال شيخنا العماد بن كثير: هذا شيء باطل لا أصل له من طريق صحيحة أو ضعيفة.

وقد ذكره أبو إسحاق الأسفراييني، وإمام الحرمين، حتى ذكره القاضي عياض في كتابه (الشفا) [ (٢) ] . وذكره أبو القاسم السهيليّ في (روضه) [ (٣) ] وقال: الأولى ترك ذكره لأنه موضوع.

سألت شيخنا أبا الحجاج- يعنى المزني- عنه فقال: ليس له أصل وهو ضحكة، وقال الذهبي: يروى بإسناد مجهول عن مجهول، يقال له: أبو منظور، كتبه للفرجة لا للحجة، ويقال: كان ثلاثة حمير، ويقال: اثنان.


[ (١) ] (الموضوعات لابن الجوزي) : ١/ ٢٩٣- ٢٩٤، باب تكليم حماره يعفور له، وقال: هذا حديث موضوع لعن اللَّه واضعه، فإنه لم يقصد إلا القدح في الإسلام، والاستهزاء به. قال أبو حاتم بن حبان: لا أصل لهذا الحديث، وإسناده ليس بشيء، ولا يجوز الاحتجاج بمحمد بن مزيد.
[ (٢) ] (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : ١/ ٢٠٧.
[ (٣) ] (الروض الأنف) : ٢/ ٩٣.
وبعد ما قاله النقاد في هذا الحديث، نجد صاحب كتاب (المصباح المضيء) : ١/ ٢٦٢، يقول عفا اللَّه عنه: وهذا علم من أعلام نبوته صلى اللَّه عليه وسلم، فليتني كنت شعرة في جلد هذا الحمار، الّذي كان في كل وقت يلامس جلده جلد سيد البشر صلى اللَّه عليه وسلم ويسمع له، ويطيعه، ويخاطبه، ويفهم عنه، وناهيك بها معجزة من بعض معجزاته صلى اللَّه عليه وسلم.
ثم سأل سؤالا فقال: ما الحكمة في
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: يا يعفور، تشتهي الإناث؟ فقال: لا،
وتردّيه في البئر يوم قبض صلى اللَّه عليه وسلم، وكان له صلى اللَّه عليه وسلم دواب غيره، لم يفعل ذلك واحد منهم، بل الدلدل وهي بغلته البيضاء بقيت إلى خلافة معاوية، وكرّ بها عليّ رضى اللَّه عنه في صفين؟
ثم أجاب عن ذلك بقوله: والحكمة فيه- واللَّه أعلم- أن يعفور قال: أخرج اللَّه من نسل جدي ستين حمارا، لم يركبهم إلا نبي، ثم قال: ولم يبق من نسل جدي غيري، ولا من الأنبياء غيرك، وتردّى في البئر، ولم يشته الإناث حتى لا يبقى له نسل، فإنه آخرهم، كما أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم آخر الأنبياء كما قال، لئلا يركبه أحد بعده إذ هو مركوب الأنبياء، وأيضا جزعا عليه وتحزنا، ويحق له أن يجزع ويحزن عليه صلى اللَّه عليه وسلم، وهذا ما بلغ إليه علمي من رسله صلى اللَّه عليه وسلم. (المصباح المضيء) : ١/ ٢٦١- ٢٦٣ مختصرا.