للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: لا حمى إلا للَّه عزّ وجلّ [ (١) ] ، وخرجه النسائي ولفظه: لا حمى إلا للَّه ولرسوله [ (٢) ] .

وقال الواقدي: حدثني ابن أبى سبرة عن شعيب بن شداد قال: لما مرّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالبقيع منصرفه من المريسيع، ورأى سعة وكلأ، وغدرا كثيرة [ (٣) ] تتناخس [ (٤) ] ، وخبّر بمراءته [ (٥) ] وبراءته [ (٦) ] فسأل عن الماء، فقيل يا رسول اللَّه! إذا صفنا [ (٧) ] قلّت المياه وذهبت الغدر، فأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حاطب بن أبى بلتعة أن يحفر بئرا، وأمر بالنقيع أن يحمى واستعمل عليه بلال بن الحارث المزني، فقال بلال: يا رسول اللَّه، وكم أحمى منه؟ قال:

أقم رجلا صيتا إذا طلع الفجر على هذا الجبل، يعنى مقملا، فحيث انتهى صوته فاحمه لخيل المسلمين وإبلهم التي يغزون عليها، قال بلال: يا رسول اللَّه! أفرأيت ما كان من سوائم المسلمين؟ فقال: لا تدخلها، قلت: يا رسول اللَّه! أرأيت المرأة والرجل الضعيف يكون له الماشية اليسيرة، وهو يضعف عن التحول؟ قال: دعه يرعى [ (٨) ] .


[ () ] قال أبو عبيد: وتأويل الحمى المنهي عنه فيما نرى- واللَّه أعلم-: أن تحمى الأشياء التي جعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الناس فيها شركاء، وهي الماء، والكلأ، والنار.
[ (١) ] (سنن أبى داود) : ٣/ ٤٦١- ٤٦٢، كتاب الخراج والإمارة، باب (٣٩) في الأرض يحميها الإمام أو الرجل، حديث رقم (٣٠٨٤) .
[ (٢) ] قال المنذري: وأخرجه النسائي في (الكبرى) ، ولم يذكر النقيع.
[ (٣) ] الغدر: جمع غدير، وهو القطعة من الماء يغادرها السيل.
[ (٤) ] تتناخس: أي يصب بعضها ببعض.
[ (٥) ] مرأت الأرض مراءة أي حسن هواؤها، وكلأ مريء: غير وخيم.
[ (٦) ] براءة: مصدر من بريء بمعنى خلا، أي لا صاحب له.
[ (٧) ] صفنا: جاء علينا الصيف بحرارته الشديدة.
[ (٨) ] (مغازي الواقدي) : ٢/ ٤٢٥.