وأخرجه الترمذي في (السنن) : ٤/ ٣٤١، كتاب الطب، باب (١٠) ما جاء في كراهية التداوي بالكي، حديث رقم (٢٠٤٩) ، وفيه: «فابتلينا فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا» قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، ثم قال: حدثنا عبد القدوس بن محمد، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين قال: نهينا عن الكي. قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود، وعقبة بن عامر، وابن عباس، وهذا حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : ٢/ ١١٥٤- ١١٥٥، كتاب الطب، باب (٢٣) الكي، حديث رقم (٣٤٨٩) ، «من اكتوى أو استرقى فقد بريء من التوكل» ، يريد أن كمال التوكل يقتضي ترك الأدوية، ومن أتى بها فقد بريء من تلك المرتبة العظيمة من التوكل. وحديث رقم (٣٤٩٠) ، وهو حديث عمران بن الحصين المذكور في الباب. وحديث رقم (٣٤٩١) من حديث ابن عباس، وقال في آخره: «وأنهى أمتى عن الكي» . قال الشيخ: إنما كوى صلّى اللَّه عليه وسلّم سعدا ليرقأ عن جرحه الدم، وخاف عليه أن ينزف فيهلك، والكي مستعمل في هذا الباب، وهو من العلاج الّذي تعرفه الخاصة وأكثر العامة، والعرب تستعمل الكي كثيرا فيما يعرض لها من الأدواء، وتقول في أمثالها: «آخر الدواء الكي» . وأما حديث عمران بن حصين في النهى عن الكي، فقد يحتمل وجوها، أحدها: أن يكون من أجل أنهم كانوا يعظمون أمره ويقولون: «آخر الدواء الكيّ» ، ويرون أنه يحسم الداء ويبرئة، وإذا لم يفعل ذلك عطب صاحبه وهلك، فنهاهم عن ذلك إذا كان على ذلك الوجه. وأباح لهم استعماله على معنى التوكل على اللَّه سبحانه، وطلب الشفاء، والترجي للبرء بما يحدث اللَّه عزّ وجلّ من صنعه فيه، ويجلبه من الشفاء على أثره، فيكون الكي والدواء سببا لا علة. وهذا أمر قد تكثر في شكوك الناس، وتخطىء فيه ظنونهم وأوهامهم، فما أكثر ما تسمعهم يقولون: لو أقام فلان بأرضه وبلده لم يهلك، ولو شرب الدواء لم يسقم، ونحو ذلك من تجريد إضافة الأمور إلى الأسباب، وتعليق الحوادث بها، دون تسليط القضاء عليها، وتغليب المقادير فيها، فتكون الأسباب أمارات لتلك الكوائن، لا موجبات لها، وقد بين اللَّه جل جلاله ذلك في كتابه حيث قال: