للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما أراد منه أولئك النفر، وما قال لهم فيه بحيرا [ (١) ] .

وقال الواقدي [رحمه اللَّه تعالى] : حدثنا محمد بن أبى حبيبة، عن داود ابن الحصين، قالوا لما خرج أبو طالب إلى الشام، خرج معه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في المرة الأولى، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، فلما نزل الركب بصرى، وبها راهب يقال له: بحيرا في صومعة له، وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة، يتوارثونها عن كتاب يدرسونه، فلما نزلوا ببحيرا، وكانوا كثيرا ما يمرون به لا يكلمهم، حتى إذا كان ذلك العام، نزلوا [منزلا] قريبا من صومعته [قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا به] ، فصنع لهم طعاما،


[ (١) ] قال أبو طالب:
إن ابن آمنة الأمين محمدا ... عندي بمثل منازل الأولاد
لما تعلق بالزمام رحمته ... والعيس قد قلصن بالأزواد
فارفضّ من عيني دمع ذارف ... مثل الجمان مفرق الأفراد
راعيت منه قرابة موصولة ... وحفظت فيه وصية الأجداد
وأمرته بالسير بين عمومة ... بيض الوجوه مصالت أنجاد
ساروا لأبعد طية معلومة ... فلقد تباعد طية المرتاد
حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا ... لاقوا على شرك من المرصاد
حبرا فأخبرهم حديثا صادقا ... عنه ورد معاشر الحساد
قوما يهودا قد رأوا ما قد رأى ... ظل الغمامة ثاغرى الأكباد
ساروا لفتك محمد فنهاهمو ... عنه وأجهد أحسن الإجهاد
فثنى [زبيرا] بحير فانثنى ... في القوم بعد تجادل وتعاد
ونهى دريسا فانتهى لما نهى ... عن قول حبر ناطق بسداد
(دلائل النبوة للبيهقي) : ٢/ ٢٩، باب ما جاء في خروج النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم مع أبى طالب حين أراد الخروج إلى الشام تاجرا، ورؤية بحيرى الراهب من صفته وآياته ما استدل به على أنه هو النبي الموعود في كتبهم صلّى اللَّه عليه وسلّم، ثم قال الحافظ البيهقي: وذكر ابن إسحاق ثلاث قصائد من شعره في ذلك.