ولما بايع الحسن بن عليّ بن أبى طالب معاوية، قال عمرو بن العاص لمعاوية: قد اجتمع أهل الشام والعراق، فلو أمرت الحسن أن يخطب، فلعله يحصر، فيسقط من أعين الناس، فقال: يا ابن أخى، لو صعدت، وخطبت، وأخبرت الناس بالصلح، قال: فصعد المنبر، وقال بعد حمد اللَّه، والصلاة على رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: أيها الناس، إنكم لو نظرتم ما بين جابرس وجابلق، ما وجدتم ابن نبي غيري وغير أخى، وإني رأيت أن أصلح بين أمة محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، وكنت أحقهم بذلك، ألا إنا بايعنا معاوية، وجعل يقول: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ (لَكُمْ) وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ، فجعل معاوية يقول: انزل، انزل. (معجم البلدان) : ٢/ ١٠٥- ١٠٦، موضع رقم (٢٨٦٨) . [ (٢) ] جابرس: مدينة بأقصى المشرق، يقول اليهود: إن أولاد موسى عليه السلام هربوا، إما في حرب طالوت، أو في حرب بخت نصّر، فسيرهم اللَّه، وأنزلهم بهذا الموضع، فلا يصل إليهم أحد، وإنهم بقايا المسلمين، وإن الأرض طويت لهم، وجعل الليل والنهار عليهم سواء، حتى انتهوا إلى جابرس، فهم سكانها، ولا يحصى عددهم إلا اللَّه، فإذا قصدهم أحد من اليهود قتلوه، وقالوا: لم تصل إلينا حتى أفسدت سنتك، فيستحلون دمه بذلك. وذكر غير اليهود أنهم بقايا المؤمنين من ثمود، وبجابلق بقايا المؤمنين من ولد عاد (المرجع السابق) : ٢/ ١٠٥، موضع رقم (٢٨٦٥) . وذكر القزويني في ترجمة جابرس هذه حديثا عن ابن عباس، - اللَّه أعلم بصحته- عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما، أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في ليلة أسرى به قال لجبريل عليه السلام: إني أحب أن أرى القوم الذين قال اللَّه تعالى فيهم: وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ، فقال جبريل عليه السلام: بينك وبينهم مسيرة ست سنين ذهابا، وست سنين راجعا، وبينك وبينهم نهر من رمل يجرى كجرى السهم، لا يقف إلا يوم السبت، لكن سل ربك، فدعا النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وأمّن جبريل عليه السلام، فأوحى اللَّه تعالى إلى جبريل عليه السلام، أن أجبه ما سأل، فركب البراق، وخطا خطوات، فإذا هو بين أظهر القوم، فسلم عليهم، فسألوه: من أنت؟ فقال: أنا النبي الأمي! فقالوا: نعم، أنت الّذي بشر بك موسى، عليه السلام، وإن أمتك لولا ذنوبها لصافحتها الملائكة. قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رأيت قبورهم على باب دورهم، فقلت لهم: لم ذاك؟ قالوا: لنذكر الموت صباحا ومساء، وإن لم نفعل ذلك ما نذكر إلا وقتا بعد وقت