للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأى ربه، فقد أعظم على اللَّه الفرية، قال: وكنت متكئا فجلست، فقلت:

[يا أم] المؤمنين! أنظريني، ولا تعجلينى، ألم يقل اللَّه عزّ وجلّ: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ؟ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى؟ فقالت: إنا أول هذه الأمة،

سأل عن ذلك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها، غير هاتين المرتين، رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض،

فقالت: أو لم تسمع أن اللَّه عزّ وجل يقول: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [ (١) ] ؟ أو لم تسمع أن اللَّه عزّ وجلّ يقول: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [ (٢) ] ؟.

قالت: ومن زعم أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كتم شيئا من كتاب اللَّه، فقد أعظم على اللَّه الفرية، واللَّه عزّ وجلّ يقول: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ [ (٣) ] .

قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد، فقد أعظم على اللَّه الفرية، واللَّه عزّ وجلّ يقول: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [ (٤) ] . اللفظ لمسلم. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ذكره في تفسير سورة الأنعام، وذكره النسائي في تفسير [سورة] النجم.

وذكر مسلم [ (٥) ] بعقبه، حديث محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، حدثنا داود بهذا الإسناد نحو حديث ابن علية، وزاد، قالت: ولو


[ (١) ] الأنعام: ١٠٣.
[ (٢) ] الشورى: ٥١.
[ (٣) ] المائدة: ٦٧.
[ (٤) ] النحل: ٦٥.
[ (٥) ] (مسلم بشرح النووي) : ٣/ ١٣- ١٤، كتاب (الإيمان) ، باب (٧٧) معنى قول اللَّه عز وجلّ:
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى وهل رأى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ربه ليلة الإسراء، حديث رقم (٢٨٨) .