الثالث: ما قاله بعض العلماء: أن المراد بالوحي، الكلام من غير واسطة، وهذا الّذي قاله هذا القائل، وإن كان محتملا، ولكن الجمهور على أن المراد بالوحي هنا، الإلهام والرؤية في المنام، وكلاهما سمّى وحيا.
وأما قوله تعالى: أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، فقال الواحدىّ وغيره: معناه غير مجاهر لهم بالكلام، بل يسمعون كلامه سبحانه وتعالى من حيث لا يرونه، وليس المراد أن هناك حجاب يفصل موضعا عن موضع، ويدل على تحديد المحجوب، فهو بمنزلة ما يسمع من وراء حجاب، حيث لم ير المتكلم، واللَّه أعلم. انتهى.
قال كاتبه-[عفى اللَّه عنه]-: قد تحصّل مما تقدم أن في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه رآه ببصره وعيني رأسه، وهو قول أنس بن مالك، وعكرمة، والربيع، وحكاه بعضهم عن عبد اللَّه بن مسعود، وهو المشهور عن عبد اللَّه ابن عبد اللَّه بن عباس، وحكى ابن إسحاق أن مروان سأل أبا هريرة: هل رأى محمد ربه؟ قال: نعم. وحكى النقاش عن الإمام أبى عبد اللَّه أحمد ابن محمد بن حنبل، أنه قال: أنا أقول بحديث ابن عباس بعينه رآه- رآه حتى انقطع نفسه، يعنى نفس أحمد بن حنبل- وإلى هذا ذهب الشيخ أبو الحسن الأشعري، وجماعة من المتكلمين، أنه رأى اللَّه سبحانه ببصره، وعيني رأسه.
الثاني: أنه رآه بفؤاده وقلبه لا بعينه، وقد روى ذلك عن عبد اللَّه بن عباس، وأبى ذر، وإبراهيم التيمي، وأبى العالية، والربيع بن أنس، وحكى عن عكرمة، وقاله أحمد بن حنبل، قال: رآه بقلبه، وجبن عن القول