[فأمرهم صلّى اللَّه عليه وسلّم أن يصدقوا الحملة، فاقتتلوا مع الكفار،
فأشرف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فنظر إلى قتالهم فقال: الآن حمى الوطيس،
وهو التنور يخبز فيه، يضرب مثلا لشدة الحرب الّذي يشبه حرها حرّه، وهذه من فصيح الكلام الّذي لم يسمع من أحد قبل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم
وتناول صلّى اللَّه عليه وسلّم حصيات من الأرض ثم قال: شاهت الوجوه
- أي قبحت- ورمى بها في أوجه المشركين، فما خلق اللَّه تعالى منهم إنسانا إلا ملأ عينيه من تلك القبضة] [ (١) ] .
[وفي البخاري [٤٣١٦، ٤٣١٧] عن البراء وسأله رجل من قيس: أفررتم عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم حنين؟ فقال ولكن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لم يفر، كانت هوازن رماة، ولما حملنا عليهم انكشفوا فأكببنا على الغنائم فاستقبلتنا بالسهام، ولقد رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بزمامها، وهو يقول: أنا النبي لا كذب، أبا ابن عبد المطلب] [ (١) ] .
[وهذا فيه إشارة إلى أن صفة النبوة يستحيل معها الكذب، فكأنه قال:
أنا النبي، والنبي لا يكذب، فلست بكاذب فيما أقول حتى أنهزم، بل أنا متيقن أن الّذي وعدني اللَّه به من النصر حق، فلا يجوز عليّ الفرار] [ (١) ] .
[وأمر صلّى اللَّه عليه وسلّم بطلب العدوّ، فانتهى بعضهم إلى الطائف، وبعضهم نحو نخلة، وقوم منهم إلى أوطاس، واستشهد من المسلمين أربعة، وقتل من المشركين أكثر من سبعين قتيلا] [ (١) ] .