للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ... ما دعا للَّه داع

[وقد وهم بعض الرواة وقال: إنما كان هذا عند مقدمه المدينة وهو وهم ظاهر، لأن ثنيات الوداع [ (١) ] إنما هي من ناحية الشام، لا يراها القادم من مكة إلى المدينة، ولا يراها إلا إذا توجه إلى الشام]

[وفي البخاري [ (٢) ] : «لما رجع صلّى اللَّه عليه وسلّم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال:

إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم.

قالوا: يا رسول اللَّه، وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة، حبسهم العذر] .

[وهذا يؤيد معنى ما

ورد: «نية المؤمن خير من عمله»

[ (٣) ] ، والمسابقة إلى اللَّه تعالى وإلى الدرجات العلا بالنيات والهمم، لا بمجرد الأعمال] .

[وجاء من كان تخلف عنه- فحلفوا له فعذرهم، واستغفر لهم، وأرجأ أمر كعب وصاحبيه، حتى نزلت توبتهم في قوله تعالى: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ* وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ


[ (١) ] ثنية الوداع: بفتح الواو، وهو اسم من التوديع عند الرحيل: وهي ثنية مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة، واختلف في تسميتها بذلك، فقيل: لأنها موضع وداع المسافرين من المدينة إلى مكة، وقيل:
لأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم ودع بها بعض من خلفه بالمدينة في آخر خرجاته، وقيل: في بعض سراياه المبعوثة عنه، وقيل: الوداع اسم واد بالمدينة، والصحيح أنه اسم جاهلي قديم، سمي لتوديع المسافرين (معجم البلدان) : ٢/ ١٠٠، موضع رقم (٢٨٤٦) .
[ (٢) ] (فتح الباري) : ٨/ ١٥٩، كتاب المغازي- باب (٨٢) بدون ترجمة، حديث رقم (٤٤٢٣) .
[ (٣) ] قال ابن دحية: لا يصح، وقال البيهقي: إسناده ضعيف، ورواه العسكري في (الأمثال) عن أنس به مرفوعا وسنده ضعيف، وله طريق ضعيف عن النواس بن سمعان، كما ذكره الزركشي.
وإنما كانت نية المؤمن خير من عمله، لأنها بانفرادها تصير عبادة يترتب عليها الثواب، بخلاف أعمال الجوارح، فإنّها إنما تكون عبادة إذا صاحبت النية لخبر: «من هم بحسنة فلم يعملها كتبها اللَّه عنده حسنه كاملة» ولأن مكانها مكان المعرفة، أعني قلب المؤمن. (الموضوعات لابن الجوزي) : ٣/ ٣٧٥- ٣٧٦ حديث رقم (٥٦٨) .