للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اتفقوا على أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، اعتمر ثلاث عمر، صدّه المشركون في الأولى عن البيت، فعاد من الحديبيّة ثم اعتمر من قابل، وكانت عمرة القضاء، واعتمر أيضا من الجعرانة، بعد فتح مكة- شرّفها اللَّه-[قال] ابن إسحاق: واعتمر عمرة رابعة مع حجته.

خرج الحاكم من حديث داود بن عبد الرحمن قال: سمعت عمرو بن دينار يحدّث عن عكرمة [عن] ابن عباس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما قال: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم اعتمر أربع عمر: عمرة الحديبيّة، وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من الجعرانة، والرابعة مع حجّته. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. [ولم يخرجاه] [ (١) ] .

وأما عمرة الحديبيّة [ (٢) ] فقال ابن إسحاق: ثم أقام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالمدينة رمضان، وشوّالا- يعنى سنة ست- وخرج من ذي القعدة معتمرا،


[ (١) ] (المستدرك) : ٣/ ٥٢، كتاب المغازي والسرايا، حديث رقم (٤٣٧٢) ، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : صحيح. وما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (المستدرك) .
[ (٢) ] الحديبيّة: بئر سمى المكان بها، وقيل: شجرة حدباء صغرت فسمى المكان بها. قال المحب الطبري: الحديبيّة قرية قريبة من مكة أكثرها في الحرم.
ووقع في رواية ابن إسحاق في (المغازي) عن الزهري: «خرج صلّى اللَّه عليه وسلّم عام الحديبيّة يريد زيارة البيت لا يريد قتالا. ووقع عند ابن سعد: أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم خرج يوم الاثنين لهلال ذي القعدة. في بضع عشر مائة، فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره، وأحرم منها بعمرة، وبعث عينا له من خزاعة، يدعى ناجية، يأتيه بخبر قريش، كذا سماه ناجية، والمعروف أن ناجية اسم الّذي بعث معه الهدى، كما صرح بذلك ابن إسحاق وغيره. وأما الّذي بعثه عينا لخبر قريش، فاسمه بسر بن سفيان، كذا سماه ابن إسحاق، وهو بضم الموحدة، وسكون المهملة على الصحيح.
وسار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حتى كان بغدير الأشطاط [اسم موضع] أتاه عينه قال: إن قريشا جمعوا جموعا وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك وصادوك، عن البيت، ومانعوك، فقال:
أشيروا علي أيها الناس، أترون أن أميل إلى عيالهم، وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت، فإن يأتونا كان اللَّه عز وجل قد قطع عينا من المشركين، إلا وتركناهم محروبين. -