للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه قال له: إني أحدثك حديثا، لعل اللَّه أن ينفعك به: اعلم أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد جمع بين حج وعمرة، ولم ينزل فيها كتاب، ولم ينه عنها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال فيها برأيه.

قال ابن عبد البر: وهذا قد تأوله جماعة على التمتع وقالوا: إنما الّذي أراد ابن عمر أن يقوله: أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد جمع بين حج وعمرة، أي أنه جمع بينهما في سفرة واحدة، وحجة واحدة، وقد روى عن عمر ما يعضد هذا التأويل.

روى أبو الحسن، وأبو رجاء، عن عمران بن حصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب اللَّه تعالى، وفعلناها مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولم ينزل قرآن يحرمها، ولم ينه عنه حتى مات، قال رجل بعد برأيه ما شاء.

وروى شعبة عن الحكم، عن على بن حسين، عن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان، وعلى بن أبى طالب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، ما بين مكة والمدينة، وعثمان ينهى أن يجمع بين الحج والعمرة، فلما رأى ذلك على رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه أتى بهما جميعا، فقال: لبيك بحجة وعمرة معا، فقال له عثمان رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه: تراني أنهى عنهما وأفعله؟ فقال على رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه: لم أكن [أخالف] سنة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.

قال ابن عبد البر: وهذا يحتمل أن يكون، لأن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أباح ذلك فصار سنة. فقال: والإفراد أفضل، لأن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان مفردا، فلذلك قلنا: أنه أفضل، لأن آثاره أصح في إفراده صلّى اللَّه عليه وسلّم.

وقد اختلف أيضا في وقت خروج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من المدينة، فقيل:

كان خروجه [صلّى اللَّه عليه وسلّم لخمس] بقين من ذي القعدة، [و] قال بعضهم: كان يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة بالمدينة، وصلّى العصر بذي الحليفة.

وذكر الواقدي أنه كان يوم السبت لخمس ليال [ (١) ] بقين من ذي القعدة، ولا يصح على ما جاء في الصحيح، أن الوقفة كانت بالجمعة، فيكون هلال


[ (١) ] (مغازي الواقدي) : ٣/ ١٠٨٩.