للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم لبعض: اسكتوا كي نستمع إلى قراءته، فَلَمَّا قَضى، أي فرغ من التلاوة، وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، انصرفوا إليهم محذرين عذاب اللَّه إن لم يؤمنوا.

واختلف هل أنذروا قومهم من قبل أنفسهم؟ أم جعلهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رسلا إلى قومهم؟ قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى يعنى القرآن، مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ [ (١) ] .

قال عطاء: كان دينهم اليهودية، ولذلك قالوا: إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى، يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ [ (٢) ] ، يعنون محمدا صلّى اللَّه عليه وسلّم، وهو دليل على أنه بعث إلى الجن، كما بعث إلى الإنس، قال مقاتل: ولم يبعث اللَّه نبيا إلى الجن والإنس قبله.

قال ابن عبد البر: ولا يختلفون أن محمدا صلّى اللَّه عليه وسلّم رسول إلى الإنس والجن، نذيرا، وبشيرا، هذا مما فضل به على الأنبياء، أنه بعث إلى الخلق كافة، الجن والإنس، وغيره لم يرسل إلا بلسان قومه، ودليل ذلك ما نطق به القرآن الكريم من دعائهم إلى الإيمان، بقوله في مواضع من كتابه: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ [ (٣) ] وقال ابن عباس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما:

فاستجاب لهم من قومهم سبعين رجلا من الجن، ثم رجعوا إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فوافوه بالبطحاء، فقرأ عليهم القرآن، وأمرهم، ونهاهم.


[ () ] وقد رواه البيهقي من حديث ابن وهب بنحوه ثم قال: وظاهر هذه الرواية يوهم أن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه بنفسه سمع الصارخ صرخ من العجل الّذي ذبح وكذلك هو صريح في رواية ضعيفة عن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه وسائر الروايات تدل على أن هذا الكاهن هو الّذي أخبر بذلك عن رؤيته وسماعه واللَّه أعلم، (تفسير ابن كثير) : ٤/ ١٨٠.
[ (١) ] الأحقاف: ٣٠.
[ (٢) ] الأحقاف: ٣٠.
[ (٣) ] الرحمن: ٣٣.