للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عز وجل على نبيه: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ [ (١) ] وإنما أوحى إليه قول الجن [ (٢) ] .

قال البيهقي: وهذا الّذي حكاه عبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، إنما [هو] أول ما سمعت الجن قراءة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وعلمت بحاله، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم كما حكاه، ثم أتاه داعي الجن مرة أخرى، فذهب معه، وقرأ عليهم القرآن، كما حكاه عبد اللَّه بن مسعود، ورأى آثارهم وآثار نيرانهم، وعبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، حفظ القصتين جميعا فرواهما.

أما القصة الأولى: فذكر البيهقي من طريق أبى بكر بن أبى شيبة، حديث سفيان عن عاصم، عن زر، عن عبد اللَّه قال: [هبطوا] على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوا قالوا: أنصتوا، قالوا:

صه، وكانوا سبعة، أحدهم زوبعة، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ* قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ* يا قَوْمَنا أَجِيبُوا.


[ (١) ] الجن: ١.
[ (٢) ] (فتح الباري) : ٢/ ٣٢١، كتاب الأذان، باب (١٠٥) الجهر بقراءة صلاة الفجر، حديث رقم (٧٧٣) .
وذكره أيضا في: ٨/ ٨٦٥، كتاب التفسير، باب (١) سورة قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ، حديث رقم (٤٩٢١) .
وذكره في مسلم: ٤/ ٤١١، كتاب الصلاة، باب (٣٣) في (السنن) ، حديث رقم (١٤٩) .
وذكره الترمذي: ٥/ ٣٩٨٠، كتاب تفسير القرآن، باب (٦٩) ومن سورة الجن، حديث رقم (٣٣٢٣) ، قال أبو عيسى الترمذي: وبهذا الإسناد عن ابن عباس، قال قول الجن لقومهم:
لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً [الجن: ١٩] قال: لما رأوه يصلى وأصحابه يصلون بصلاته فيسجدون بسجوده، قال: فعجبوا من طواعية أصحابه له، قالوا لقومهم:
لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ثم قال: هذا حديث حسن صحيح.